على حدّ سائر العلل التكوينية ، غايته أنّ هذه السلطة والعلّية للدلوك كانت بجعل الشارع ، لا أنّ الشارع هو الذي يجعل الوجوب عند وجود الدلوك ، إذ بعد فرض جعله الدلوك علّة لوجوب الصلاة يكون جعله الوجوب المذكور عند الدلوك لغوا صرفا ، وحيث إنّ الضرورة قائمة على الثاني ـ أعني كون الوجوب مجعولا شرعيا ـ كان ذلك ملازما بالضرورة لأنّ الشارع لم يجعل السببية والعلّية للدلوك ، بل إنّما جعل الوجوب على تقدير الدلوك.
وبالجملة : أنّ أحد هذين الجعلين موجب للغوية الجعل الآخر ، وتمام الكلام في هذه الجهة من الإشكال في محلّه (١) إن شاء الله تعالى.
وإنّما حررنا هذا الإشكال هنا ليتضح لك أنّ ما تقدّم من الإشكال على كون الشرط من الدواعي بأنّ لازمه ما التزم به في الكفاية من كون مدخليته في الجعل تكوينية ، هو إشكال آخر غير هذا الإشكال الذي وجّهه قدسسره على القول بأنّ المجعول الشرعي ابتداء هو نفس السببية.
قوله : وتوهّم لزوم تقدّم الخطاب على الامتثال زمانا ببيان أنّ وجوب الإمساك مثلا إن لم يكن متقدّما على الإمساك في أول الفجر آناً ما ، فإمّا أن يكون المكلف ... الخ (٢).
ما أشبه الالتزام بتقدير الوجوب قبل الفعل والشرط آناً ما بتقدير الملكية قبل التلف آناً ما في موارد كثيرة التزم بها شيخنا قدسسره وغيره ، مثل التلف قبل القبض (٣) ، والتلف في زمان الخيار ثم فسخ ذو الخيار (٤) وغير
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ : ٣٩٣ وما بعدها ، وتأتي حواشي المصنّف قدسسره في المجلّد التاسع.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٦٠ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].
(٣ و ٤) راجع منية الطالب ٣ : ٣٥٧ و ٣٣٨.