ولأجل هذا التخيّل افيد ما افيد في الكفاية من تصحيح الشرط المتأخّر ، ومن كون السببية خارجة عن حيّز الجعل الشرعي لا استقلالا ولا تبعا ، وأنّها إنّما تكون مجعولة تكوينا عرضا بعين جعل موضوعها تكوينا ، فراجع ما أفاده في الكفاية في باب الشرط المتأخّر (١) وفي باب الأحكام الوضعية في مباحث الاستصحاب (٢) فانّ ذلك كلّه مبني على أساس أنّ الشرط شرط للجعل لا للمجعول ، وأنّه من قبيل الداعي ، وأنّ مدخليته في الجعل باعتبار وجوده العلمي ، لكونه من دواعي الجعل والتشريع لا من حدود المجعول وقيوده.
وكيف كان ، فقد عرفت أنّ من جملة ما يلزم القول بأنّ الشرط من مقولة دواعي الجعل والتشريع هو ما عرفت من كون مدخليته في ذلك التشريع والجعل مدخلية تكوينية لا شرعية ، فلازمه كون الشرطية والسببية سببية تكوينية ، فهي حينئذ خارجة عن حيّز الجعل والتشريع أصلا ، وذلك خروج عن كلا القولين في السببية من كون المجعول ابتداء هو نفس السببية أو أنّ المجعول هو المسبّب عند وجود السبب ، وأنّ السببية منتزعة من جعل المسبب عند وجود السبب.
نعم ، قد أورد شيخنا قدسسره في محلّه على القول بأنّ المجعول ابتداء هو السببية أنّ لازمه أن لا جعل للشارع إلاّ جعل الدلوك مثلا سببا لوجوب الصلاة ، فبعد هذا الجعل ينوجد الوجوب تكوينا عند وجود الدلوك ، فلا يكون الوجوب المذكور مستندا إلى الشارع ، بل يكون الشارع بجعله السببية قد أعطى سلطة التشريع للدلوك ، وجعله موجبا لفيض الوجوب ورشحه
__________________
(١) كفاية الأصول : ٩٣.
(٢) كفاية الأصول : ٤٠٠ ـ ٤٠١.