وحينئذ فلا محيص من إنكار كون الشرط في الأمر بالمهم هو عدم الإتيان بالأهم بما أنّه عصيان للأمر بالأهم ، ولا بما أنّه نقيض لوجود الأهم المعلول للأمر بالأهم ، بل بما أنّه عدم محض وبما أنّه مجرد خلو الزمان عن فعل الأهم ، وإن كان اعتبار ذلك العدم وخلو الزمان منه منحصرا بما إذا توجه الأمر بالأهم وكان الأمر به منجزا ، لكن ذلك لا يوجب كون الشرط هو العدم الخاص ، أعني به العدم العصياني أو العدم الواقع في رتبة وجود الأهم بما أنّه معلول للأمر بالاهم. وحينئذ لا يكون الأمر بالمهم في طول الأمر بالأهم فضلا عن كون هذه الطولية بمجرّدها هي المصحّحة للجمع بين الأمرين ، بل إنّ عمدة المصحّح لذلك هو كون الأمر بالأهم هادما بامتثاله لما هو موضوع الأمر بالمهم ، وأنّ الأمر بالمهم لا تعرض له لإثبات ذلك الموضوع فتأمل.
ولا يخفى أنّ مجرد كون امتثال الأمر بالأهم هادما لموضوع الأمر بالمهم لا يوجب تقدمه عليه رتبة ليعود محذور الدور في الترتب من الطرفين ، فتأمل.
ولو قلنا بأنّ الشرط في الأمر بالمهم ليس هو مجرد ترك الأهم معرّى عن لحاظ كونه تركا لما هو المأمور به ، وإلاّ لكان الأمر بالشيء مشروطا بترك كل مباح مضاد له ، بل الشرط إنّما هو ترك الفعل المأمور به بما أنّه مأمور به ، فحينئذ لا مناص لنا عن الالتزام بالطولية ، وحيث إنّها موجبة للدور في المتساويين في الأهمية ، لم يكن لنا بدّ من الالتزام فيهما بالسقوط في كل منهما واستكشاف تخيير عقلي أو شرعي بينهما ، فراجع ما سيأتي في حواشي ص ٢٥٥ (١) وما حررناه في باقي مباحث المسألة وتأمل.
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة من الأجود ، راجع الصفحة ٣٩٠ من هذا المجلّد.