الأهم لا يكون إلاّ من باب الطريقية لما هو الشرط ، أعني عدم الأهم في مورد تنجّز الأهم ، فانّ الشرط لا يكون إلاّ نفس ذلك العدم ، غاية الأمر أنّ الاحتياج إلى الاشتراط إنّما يكون في مورد انطباق العصيان عليه الذي هو مورد تنجّز الأهم. فليس العصيان بنفسه هو الشرط ، بل هو طريق إلى بيان انحصار الاحتياج إلى الاشتراط بما إذا كان الأمر بالأهم منجزا.
قلت : بل قد يقال : إنّ أخذ العصيان شرطا مخل بما لو كان الترتب من الطرفين ، كما في مورد التساوي ، لأنّ عصيان التكليف متأخر عنه رتبة ، ونفس التكليف متأخر رتبة عن شرطه ، فيكون كل من الخطابين متأخرا عن الخطاب الآخر ، ويكون كل منهما حينئذ متأخرا عن نفسه ، إلاّ أن ندفعه بالدور المعي ، بأن نقول : إنّ التدافع بين الإطلاقين حيث كان بالنسبة إلى كل واحد منهما كنسبته إلى الآخر ، كان موجبا لسقوط كل منهما في رتبة سقوط الإطلاق الآخر ، وكان تقييد كل منهما بعدم الإتيان بمتعلق الآخر في رتبة تقييد الآخر بذلك أيضا. ولكن لا يخفى أنّ لازم ذلك هو إنكار طولية الأمر بالمهم بالنسبة إلى الأمر بالأهم.
وبالجملة : أنّ هذا الإشكال ـ أعني إشكال الدور في الترتب من الطرفين ـ متوجّه حتى لو لم نقل بأنّ العصيان هو الشرط ، بل كان الشرط هو مجرد الترك ، لما تقدم (١) في المقدمة الرابعة من أنّ عدم الأهم الواقع في مرتبة نفس وجود الأهم يكون متأخرا في الرتبة عن نفس الأمر بالأهم ، وأنّ نسبة ذلك العدم إلى نفس الأمر بالأهم كنسبة المعلول إلى علّته ، كما أنّ نسبته إلى الأمر بالمهم كنسبة العلّة إلى معلولها ، وبذلك يكون الأمر بالأهم
__________________
(١) في صفحة : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.