الارض ترجف من هيبته ، والملائكة تسرع إلى خدمته ، يا ويلك ومن يقدر على قتل علي بن أبي طالب وهو مؤيد من السماء؟ والملائكة تحوطه بكرة وعشية ، ولقد كان في أيام رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قاتل يكون جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت بين يديه ، فمن هو هكذا لا طاقة لاحد بقتله ، ولا سبيل لمخلوق على اغتياله ، ومع ذلك إنه قد أعزني وأكرمني وأحبني ورفعني وآثرني على غيري ، فلا يكون ذلك جزاؤه مني أبدا ، فإن كان غيره قتلته لك شر قتلة ولو كان أفرس أهل زمانه ، وأما أميرالمؤمنين فلا سبيل لي عليه.
قال فصبرت عنه سكن غيظه ودخلت معه في الملاعبة (١) والملاطفة ، و علمت أنه قد نسي ذلك القول ، ثم قالت : يا هذا ما يمنعك من قتل علي بن أبي طالب وترغب في هذا المال وتتنعم بهذا الجمال؟ وما أنت بأعف وأزهد من الذين قاتلوه وقتلهم ، وكانوا من الصوامين والقوامين ، فلما نظروا إليه وقد قتل المسلمين ظلما وعدوانا اعتزلوه وحاربوه ، ومع ذلك فإنه قد قتل المسلمين وحكم بغير حكم الله وخلع نفسه من الخلافة وإمرة المؤمنين ، فلما رأوه قومي على ذلك اعتزلوه ، فقتلهم بغير حجة له عليهم ، فقال لها ابن ملجم : يا هذه كفي عني ، فقد أفسدت علي ديني ، وأدخلت الشك في قلبي ، وما أدري ما أقول لك وقد عزمت على رأي ، ثم أنشد :
ثلاثة آلاف وعبد وقينة |
|
وضرب علي بالحسام المصمم |
فلا مهر أغلا من علي وإن غلا |
|
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم |
فأقسمت بالبيت الحرام ومن أتى |
|
إليه جهارا من محل ومحرم |
لقد أفسدت عقلي قطام وإنني |
|
لمنها على شك عظيم مذمم |
لقتل علي خير من وطئ الثرى |
|
أخي العلم الهادي النبي المكرم |
ثم أمسك ساعة وقال :
____________________
(١) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ : المداعبة.