بحديثه من أوله إلى آخره ، فسر بذلك سرورا عظيما فقال له : أنا اعاونك ، فقال ابن ملجم : دعني من هذا الحديث ، فإن عليا أروغ من الثعلب وأشد من الاسد.
ثم مضى ابن ملجم لعنه الله يدور في شوارع الكوفة ، فاجتاز على أميرالمؤمنين عليهالسلام وهو جالس عند ميثم التمار ، فخطف عنه كيلا يراه ، ففطن به فبعث خلفه رسولا فلما أتاه وقف بين يديه وسلم عليه وتضرع لديه ، فقال عليهالسلام له : ما تعمل ههنا؟ قال : أطوف في أسواق الكوفة وأنظر إليها ، فقال عليهالسلام : عليك بالمساجد فإنها خير لك من البقاع كلها ، وشرها الاسواق ما لم يذكر اسم الله فيها ، ثم حادثه ساعة و انصرف ، فلما ولى جعل أميرالمؤمنين عليهالسلام يطيل النظر إليه ويقول : يا لك من عدو لي من مراد ، ثم قال عليهالسلام :
اريد حياته ويريد قتلي |
|
ويأبى الله إلا أن يشاء |
ثم قال عليهالسلام : يا ميثم هذاوالله قاتلي لا محالة ، أخبرني به حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال ميثم : يا أميرالمؤمنين فلم لا تقتله أنت قبل ذلك؟ فقال : يا ميثم لا يحل القصاص قبل الفعل ، فقال ميثم : يا مولاي إذا لم تقتله فاطرده ، فقال : يا ميثم لولا آية في كتاب الله « يمحوالله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب (١) » وأيضا إنه بعد ما جنى جناية فيؤخذ بها ، ولا يجوز أن يعاقب قتل الفعل ، فقال ميثم : جعل ( الله ) يومنا قبل يومك ، ولا أرانا الله فيك سوءا أبدا ، ومتى يكون ذلك يا أميرالمؤمنين؟ فقال عليهالسلام : إن الله تفرد بخمسة أشياء لا يطلع عليها نبي مرسل ولا ملك مقرب ، فقال عز من قائل : « إن الله عنده علم الساعة (٢) » الآية ، يا ميثم هذه خمسة لا يطلع عليها إلا الله تعالى ، وما اطلع عليها نبي ولا وصي ولا ملك مقرب ، يا ميثم لا حذر من قدر ، يا ميثم إذا جاء القضاء فلا مفر ، فرجع ابن ملجم ودخل على
____________________
(١) سورة الرعد : ٣٩.
(٢) سورة لقمان : ٣٤.