قال الراوي : وأما ابن ملجم فبات في تلك الليلة يفكر في نفسه ، ولا يدري ما يصنع ، فتارة يعاتب نفسه ويوبخها ويخاف من عقبى فعله ، فيهم أن يرجع عن ذلك ، وتاره يذكر قطام لعنها الله وحسنها جمالها وكثرة مالها فتميل نفسه إليها ، فبقي عامة ليله يتقلب على فراشه وهو يترنم بشعره ذلك إذا أتته الملعونة ونامت معه في فراشه ، وقالت له : يا هذا من يكون على هذا العزم يرقد؟ فقال لها : والله إني أقتله لك الساعة ، فقالت : اقتله وارجع إلي قرير العين مسرورا ، وافعل ما تريد فإني منتظرة لك ، فقال لها : بل أقتله وأرجع إليك سخين العين محزونا منحوسا محسورا ، فقالت : أعوذ بالله من تطيرك الوحش ، قال : فوثب الملعون كأنه الفحل من الابل ، قال : هلمي إلي بالسيف ، ثم إنه اتزر بمئزر واتشح بإزار ، وجعل السيف تحت الازار مع بطنه ، وقال : افتحي لي الباب ففي هذه الساعة أقتل لك عليا ، فقامت فرحة مسرورة وقبلت صدره ، وبقي يقبلها ويترشفها ساعة ، ثم راودها عن نفسها فقالت له : هذا علي أقبل إلى الجامع وأذن ، فقم إليه قاقتله ثم عد إلي فها أنا منتظرة رجوعك ، فخرج من الباب وهي خلفه تحرضه بهذه الابيات :
أقول إذا ماحية أعيت الرقا |
|
وكان ذعاف الموت منه شرابها (١) |
رسسنا إليها في الظلام ابن ملجم (٢) |
|
همام إذا ما الحرب شب لها بها |
فخذها علي! فوق رأسك ضربة |
|
بكف سعيد سوف يلقى ثوابها |
قال الراوي : فالتفت إليها وقال لها : أفسدت والله الشعر في هذا البيت الاخر ، قالت : ولم ذاك؟ قال لها : « بكف شقي سوف يلقى عقابها »
قال مصنف هذا الكتاب قدس روحه : هذا الخبر غير صحيح ، بل إنا كتبناه كما وجدناه ، والرواية الصحيحة أنه بات في المسجد ومعه رجلان : أحدهما
____________________
(١) الذعاف : السم الذى يقتل من ساعته.
(٢) في ( م ) و ( خ ) : دسسنا.