قال : قتلني ابن اليهودية عبدالرحمن بن ملجم المرادي ، فقال : يا أباه من أي طريق مضى؟ قال : لا يمضي أحد في طلبه فإنه سيطلع عليكم من هذا الباب ـ وأشار بيده الشريفة إلى باب كندة ـ قال : ولم يزل السم يسري في رأسه وبدنه ، ثم اغمي عليه ساعة والناس ينتظرون قدوم الملعون من باب كندة ، فاشتغل الناس بالنظر إلى الباب ، ويرتقبون قدوم الملعون ، وقد غص المسجد بالعالم ما بين باك ومحزون ، فما كان إلا ساعة وإذا بالصيحة قد ارتفعت وزمرة من الناس وقد جاؤوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفا ، وهذا يلعنه وهذا يضربه ، قال : فوقع الناس بعضهم على بعض ينظرون إليه ، فأقبلوا باللعين مكتوفا وهذا يلعنه وهذا يضربه ، وهم ينهشون لحمه بأسنانهم ويقولون له : يا عدو الله ما فعلت؟ أهلكت امة محمد وقتلت خير الناس ، وإنه لصامت وبين يديه رجل يقال له حذيفة النخعي ، بيده سيف مشهور ، وهو يرد الناس عن قتله ، وهو يقول : هذا قاتل الامام علي عليهالسلام حتى أدخلوه المسجد.
قال الشعبي : كأني أنظر إليه وعيناه قد طارتا في ام رأسه كأنهما قطعتا علق ، وقد وقعت في وجهه ضربة قد هشمت وجهه وأنفه ، والدم يسيل على لحيته وعلى صدره ، وهو ينظر يمينا وشمالا وعيناه قد طارتا في ام رأسه ، وهو أسمر اللون حسن الوجه ، وفي وجهه أثر السجود! وكان على رأسه شعر أسود منشورا على وجهه كأنه الشيطان الرجيم ، فلما حاذاني سمعته يترنم بهذه الابيات :
أقول لنفسي بعد ما كنت أنهاها |
|
وقد كنت أسناها وكنت أكيدها |
أيا نفس كفي عن طلابك واصبري |
|
ولا تطلبي هما عليك يبيدها |
فما قبلت نصحي وقد كنت ناصحا |
|
كنصح ولود غاب عنها وليدها |
فما طلبت إلا عنائي وشقوتي |
|
فياطول مكثي في الجحيم بعيدها |
فلما جاؤوا به أوقفوه بين يدي أميرالمؤمنين عليهالسلام ، فلما نظر إليه الحسن عليهالسلام