لم تسمع وعلمت ما لم تعلم ، فقلت لها : وما سمعت؟ فأخبرتني بالصوت فقالت لي : سمعت ناديا ينادي بأعلى صوته « تهدمت والله أركان الهدى ، وانطمست والله أعلام التقى ، قتل ابن عم محمد المصطفى ، قتل علي المرتضي ، قتله أشقى الاشقياء » ثم قالت : ما أظن بيتا في الكوفة إلا وقد دخله هذا الصوت ، قال : فبينما أنا وهي في مراجعة الكلام وإذا بصيحة عظيمة وجلبة وضجة عظيمة وقائل يقول : « قتل أميرالمؤمنين » فحس قلبي بالشر ، فمددت يدي إلى سيفي وسللته من غمده وأخذته ، ونزلت مسرعا وفتحت باب داري وخرجت ، فلما صرت في وسط الجادة فنظرت يمينا وشمالا وإذا بعدوالله يجول فيها يطلب مهربا فلم يجد ، وإذا قد انسدت الطرقات في وجهه فلما نظرت إليه وهو كذلك رابني أمره ، فناديته : يا ويلك من أنت؟ وما تريد لا ام لك في وسط هذا الدرب تمر وتجئ؟ فتسمى بغير اسمه ، وانتمى إلى غير كنيته فقلت له : من أين أقبلت؟ قال : من منزلي ، قلت : وإلى تريد تمضي في هذا الوقت؟ قال : إلى الحيرة ، فقلت : ولم لا تقعد حتى تصلي مع أميرالمؤمنين عليهالسلام صلاة الغداة وتمضي في حاجتك؟ فقاك : أخشى أن أقعد للصلاة فتفوتني حاجتي ، فقلت : ياويلك إني سمعت صيحة وقائلا يقول : قتل أميرالمؤمنين عليهالسلام فهل عندك من ذلك خبر؟ قال : لا علم لي بذلك ، فقلت له : ولم لا تمضي معي حتى تحقق الخبر وتمضي في حاجتك؟ فقال : أنا ماض في حاجتي وهي أهم من ذلك ، فلما قال لي مثل ذلك القول قلت : يالكع الرجال حاجتك أحب إليك من التجسس لاميرالمؤمنين عليهالسلام وإمام المسلمين؟ وإذا والله يا لكع مالك عند الله من خلاق ، وحملت عليه بسيفي وهممت أن أعلو به فراغ عني ، فبينما أنا اخاطبه وهو يخاطبني إذ هبت ريح فكشفت إزاره ، وإذا بسيفه تحت الازار كأنه مرآة مصقولة فلما رأيت بريقه تحت ثيابه قلت : يا ويلك ما هذا السيف المشهور تحت ثيابك؟