فحربة وحشي سقت حمزة الردى |
|
وحتف علي من حسام ابن ملجم |
قال محمد بن الحنفية رضياللهعنه : وبتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبي وقد نزل السم إلى قدميه ، وكان يصلي تلك الليلة من جلوس ، ولم يزل يوصينا بوصاياه ويعزينا عن نفسه ويخبرنا بأمره وتبيانه إلى حين طلوع الفجر ، فلما أصبح استأذن الناس عليه ، فأذن لهم بالدخول ، فدخلوا عليه وأقبلوا يسلمون عليه ، وهو يرد عليهمالسلام ، ثم قال : أيها الناس اسألوني قبل أن تفقدوني و خففوا سؤالكم لمصيبة إمامكم ، قال فبكى الناس عند ذلك بكاءا شديدا ، وأشفقوا أن يسألوه تخفيفا عنه ، فقام إليه حجربن عدي الطائي وقال :
فيا أسفى على المولى التقي |
|
أبوالاطهار حيدرة الزكي |
قتله كافر حنث زنيم |
|
لعين فاسق نغل شقي (١) |
فيلعن ربنا من حاد عنكم |
|
ويبرء منكم لعنا وبي |
لانكم بيوم الحشر ذخري |
|
وأنتم عترة الهادي النبي |
فلما بصر به وسمع شعره قال له : كيف لي بك إذا دعيت إلى البراءة مني ، فما عساك أن تقول؟ فقال : والله يا أميرالمؤمنين لو قطعت بالسيف إربا إربا واضرم لي النار والقيت فيها لآثرت ذلك على البراءة منك ، فقال : وفقت لكل خير يا حجر ، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك. ثم قال : هل من شربة من لبن؟ فأتوه بلبن في قعب ، فأخذه وشربه كله ، فذكر الملعون ابن ملجم وأنه لم يخلف له شيئا ، فقال عليهالسلام : « وكان أمرالله قدرا مقدورا » اعلموا أني شربت الجميع ولم أبق لاسيركم شيئا من هذا ، ألا وإنه آخر رزقي من الدنيا ، فبالله عليك يا بني إلا ما أسقيته مثل ما شربت ، فحمل إليه ذلك فشربه.
قال محمد بن الحنفية رضياللهعنه : لما كانت ليلة إحدى وعشرين وأظلم الليل وهي الليلة الثانية من الكائنة جمع أبي أولاده وأهل بيته وودعهم ، ثم قال
____________________
(١) النغل : المفسد في الارض.