كامنة ، فاسمع الان ماشاهدت منها عليهاالسلام.
اعلم أنه لما قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله افتجع له الصغير والكبير ، وكثر عليه البكاء ، وقل العزاء ، وعظم رزؤه على الاقرباء والاصحاب والاولياء والاحباب والغرباء والانساب ، ولم تلق إلا كل باك وباكية ، ونادب ونادبة ، ولم يكن في أهل الارض والاصحاب ، والاقرباء والاحباب ، أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وكان حزنها يتجدد ويزيد ، وبكاؤها يشتد.
فجلست سبعة أيام لايهدأ لها أنين ، ولايسكن منها الحنين ، كل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الاول ، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن ، فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت ، فكأنها من فم رسول الله صلىاللهعليهوآله تنطق ، فتبادرت النسوان ، وخرجت الولائد والولدان ، وضج الناس بالبكاء والنحيب وجاء الناس من كل مكان ، واطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء وخيل إلى النسوان أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قام من قبره ، وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم ، وهي عليهاالسلام تنادي وتندب أباه : وا أبتاه ، واصفياه ، وامحمداه! وا أبا القاسماه ، وا ربيع الارامل واليتامى ، من للقبلة والمصلى ، ومن لابنتك الوالهة الثكلى.
ثم أقبلت تعثر في أذيالها ، وهي لا تبصر شيئا من عبرتها ، ومن تواتر دمعتها حتى دنت من قبر أبيها محمد صلىاللهعليهوآله فلما نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة فقصرت خطاها ، ودام نحيبها وبكاها ، إلى أن اغمي عليها ، فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها حتى أفاقت ، فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول.
رفعت قوتي ، وخانني جلدي ، وشمت بي عدوي ، والكمد قاتلي ، يا أبتاه بقيت والهة وحيدة ، وحيرانة فريدة ، فقد انخمد صوتى ، وانقطع ظهري ، وتنغص عيشي ، وتكدر دهري ، فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي ، ولا رادا لدمعتي ولا معينا لضعفي ، فقد فني بعدك محكم التنزيل ، ومهبط جبرئيل ، ومحل ميكائيل