عبدربه ـ لو طلبتم ابنا لنبيكم مابين لابتيها (١) لم تجدوا غيري وغير أخي ، فناداه معاوية يا أبامحمد حدثنا بنعت الرطب أراد بذلك يخجله ، ويقطع بذل كلامه فقال : نعم تلقحه الشمال ، وتخرجه الجنوب ، وتنضجه الشمس ويطيبه القمر ـ وفي رواية المدائني : الريح تنفخه ، والحر تنضجه والليل يبرده ويطيبه ـ وفي رواية المدائني فقال عمرو : أبا محمد! هل تنعت الخرأة قال : نعم ، تبعد الممشى في الارض الصحصح حتى تتوارى من القوم ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تمسح باللقمة ، والرمة ، يريد العظم والروث ـ ولا تبل في الماء الراكد.
توضيح : الخرء بالفتح دفع الخروء بالضم ، والصحصح المكان المستوي ولا يخفى مافي إدخال الروث في تفسير الرمة من الاشتباه.
٣٤ ـ قب : المنهال بن عمرو أن معاوية سأل الحسن عليهالسلام أن يصعد المنبر وينتسب ، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني : ومن لم يعرفني فسا بين له نفسي ، بلدي مكة ومني ، وأنا ابن المروة والصفا ، وأنا ابن النبي المصطفى ، وأنا ابن من علا الجبال الرواسي ، وأنا ابن كسا محاسن وجهه الحيا ، أنا ابن فاطمة سيدة النساء ، أنا ابن قليلات العيوب ، نقيات الجيوب ـ وأذن المؤذن ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ـ فقال : يا معاوية محمد أبي أم أبوك؟ فان قلت : ليس بأبي فقد كفرت ، وإن قلت : نعم ، فقد أقررت ثم قال : أصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأصبحت العجم تعرف حق العرب بأن محمدا منها يطلبون حقنا ولايردو ن إلينا حقنا.
بيان : قال الجوهري : رجل ناصح الجيب أي أمين انتهى ، فقوله عليهالسلام : « نقيات الجيوب » كناية عن عفتهن كما أن طهارة الذيل في عرف العجم كناية عنها.
____________________
(١) اللابة : الحرة من الارض ، يقال : « مابين لا تبيها مثل فلان » وأصله في المدينة وهى حرتاها المكتنفتان بها ، ثم جرى في كل بلدة فيقولون : « مابين لابتيها مثل فلان » من دون اظهار صاحب الضمير.