ولم يدروا ما نزل به جبرئيل عليهالسلام ، ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه.
وكان النبي صلىاللهعليهوآله إذا رأى فاطمة عليهاالسلام فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها ، فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحن فيه وتقول : « وما عندالله خير و أبقي » (١) فسلم عليها وأخبرها بخبر النبي صلىاللهعليهوآله وبكائه.
فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل ، فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال : واحزناه إن [ بنات ] قيصر وكسرى لفي السندس والحرير ، وابنة محمدصلىاللهعليهوآله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثنى عشر مكانا.
فلما دخلت فاطمة على النبي صلىاللهعليهوآله قالت : يارسول الله إن سلمان تعجب من لباسي ، فوالذي بعثك بالحق مالي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك كبش نعلف عليها بالنهار بعيرنا ، فاذا كان الليل افترشناه وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ياسلمان إن ابنتي لفي الخيل السوابق.
ثم قالت : يا أبت فديتك ما الذي أبكاك؟ فذكرلها ما نزل به جبرئيل من الايتين المتقدمتين قال : فسقطت فاطمة عليهاالسلام على وجهها وهي تقول : الويل ثم الويل لمن دخل النار ، فسمع سلمان فقال : ياليتني كنت كبشا لاهلي فأكلوا لحمي و مزقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار ، وقال أبوذر : يا ليت امي كانت عاقرا ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار ، وقال مقداد : يا ليتني كنت طائرا في القفار ولم يكن علي حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار ، وقال علي عليهالسلام : ياليت السباع مزقت لحمي وليت امي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار.
ثم وضع علي عليهالسلام يده على رأسه وجعل يبكي ويقول : وا بعد سفراه! واقلة زاداه في سفر القيامة يذهبون في النار ويتخطفون ، مرضى لايعاد سقيمهم ، و جرحى لايداوى جريحهم ، وأسرى لا يفك أسرهم ، من النار يأكلون ، ومنها يشربون وبين أطباقها يتقلبون ، وبعد لبس القطن مقطعات النار يلبسون ، وبعد معانقة الازواج
____________________
(١) القصص : ٦٠.