قسا من ديره فيقتله لان صاحب الدير أقرب إلى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء والارض ، فتقديم الحسن عليهالسلام العباد على العباد والزهاد على الزهاد ، ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد ، لا يتعجب منه ، بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصرا على مخبت ومقتصدا على مجتهد.
فان قال : ما تأويل اختيار مال دارا بجرد على سائر الاموال لما اشترط أن يجعله لاولاد من قتل مع أبيه صلوات الله عليهم يوم الجمل وبصفين ، قيل : لدارا بجرد خطب في شأن الحسن عليهالسلام ، بخلاف جميع فارس (١).
____________________
(١) قد ذكر الصدوق رحمهالله في وجه اختيار الامام الحسن السبط عليهالسلام خراج درا بجرد ما تتلوه ، والذى أراه أن درابجرد لم يفتح عنوة بل صالح أهلها على ما صرح به البلاذى في فتوح البلدان ص ٣٨٠ حيث قال : « وأتى عثمان بن أبى العاص درابجرد وكانت شادروان علمهم ودينهم وعليها الهربذ فصالحه الهربذ على مال أعطاه اياه ، وعلى أن أهل دراجرد كلهم اسوة من فتحت بلاده من أهل فارس ، واجتمع له جمع بناحية جهرم ففضهم ، وفتح أرض جهرم ، وأتى عثمان فصالحه عظيمها على مثل صلح درابجرد ، ويقال : ان الهربذ صالح عليها أيضا » انتهى.
فحيث كان درابجرد صولح عليها مثل فدك ، كان يجب حمل مال صلحها إلى زعيم أهل البيت لقوله تعالى : « وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب إلى قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الاغنياء منكم ».
وأما سائر الاراضى المفتوحة عنوة بايجاف الخيل والركاب ، فكان حكم خراجها أن يقاسم بين مقاتليها ، فانها فيئ وغنيمة كما فعله رسول الله صلىاللهعليهوآله في أراضى خيبر ، بعدما أخرج سهم الخمس ، لكن لم يعمل عمر بن الخطاب بتلك السنة النبوية وتأول قوله تعالى « والذين جاؤا من بعدهم » فجعل خراجها لعامة المسلمين ودون لهم ديوان العطاء. فجرى بعده سائر الخلفاء والامراء على سنة عمر بن الخطاب ، ولم يتهيأ لعلى عليهالسلام أن يرد ذلك إلى نصابه الحق المطابق لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد كان الحسن السبط عليهالسلام يحكم بأن المتبع من السنن ، انما هو سنة النبى الاقدس ، ولا يرى لاوليائه وأصحابه المخصوصين به أن يرتزقوا ويأخذوا العطاء من خراج الاراضى المفتوحة عنوة ، ولذلك شرط على معاوية أموال درابجرد التى صولح عليها.