أن لا يسميه أمير المؤمنين ، وأن إمرته زالت عنه وعنهم ، وأفسد حكمه عليه وعليهم.
ثم سوغ الحسن عليهالسلام بشرطه عليه أن لا يقيم عنده شهادة ، للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا عنده شهادة فتكون حينئذ داره دائرة وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين ، فتكون داره كدار بخت نصر وهو بمنزلة دانيال فيها وكدار العزيز وهو كيوسف فيها.
فان قال : دانيال ويوسف عليهماالسلام كان يحكمان لبخت نصر والعزيز ، قلنا : لو أراد بخت نصر دانيال والعزيز يوسف أن يريقا بشهادة عمار بن الوليد ، وعقبة بن أبي معيط ، وشهادة أبي بردة بن أبي موسى ، وشهادة عبدالرحمن بن أشعث بن قيس دم حجر بن عدي بن الادبر وأصحابه رحمهمالله وأن يحكما له بأن زيادا أخوه وأن دم حجر وأصحابه مراقة بشهادة من ذكرت ، لما جاز أن يحكما لبخت نصر والعزيز ، والحكم بالعدل يرمي الحاكم به في قدرة عدل أو جائر ومؤمن أو كافر لا سيما إذا كان الحاكم مضطرا إلى أن يدين للجائر الكافر ، والمبطل والمحق بحكمه.
فإن قال : ولم خص الحسن عليهالسلام عد الذنوب إليه وإلى شيعة علي عليهالسلام وقدم أمامها قتله عبدالله بن يحيى الحضرمي وأصحابه ، وقد قتل حجرا وأصحابه وغيرهم؟ قلنا : لو قدم الحسن عليهالسلام في عده على معاوية ذنوب حجر وأصحابه على عبدالله بن يحيى الحضرمي وأصحابه لكان سؤالك قائما فتقول : لم قدم حجرا على عبدالله بن يحيى وأصحابه أهل الاخيار والزهد في الدنيا والاعراض عنها فأخبر معاوية بما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الخرق (١) على أمير المؤمنين عليهالسلام وشدة حبهم إياه ، وإفاضتهم في ذكره وفضله ، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبرا.
ومن أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج
____________________
(١) في النسخ المطبوعة وهكذا المصدر ص ٢٠٥ « الحزق » وهو بمعنى المنع والقبض ولعل الصحيح : « الحرق » من الحرارة والحب الشديد.