قم يا اسامة فاقبض حائطك هنيأ مريئا ، فقام اسامة والهاشميون فجزوا معاوية خيرا.
فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال : لا جزاك الله عن الرحم خيرا مازدت علي أن كذبت قولنا ، وفسخت حجتنا ، وأشمت بنا عدونا ، فقال معاوية : ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ، ذكرت أعينهم تدور إلي من تحت المغافر بصفين ، وكاد يختلط علي عقلي ، وما يؤمني يا ابن عثمان منهم وقد احلوا بأبيك ما أحلوا ، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نباء عظيم ، وخطب جسيم ، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إنشاء الله.
بيان : التلاحي : التخاصم والتنازع ، احب بالكسر المحبوب ، والسروات جمع سراة وهي جمع سري ، والسري ، الشريف ، وجمع السرى على سراة عزيز.
أقول : قال ابن أبي الحديد : روى أبوجعفر محمد بن حبيب في أماليه عن ابن عباس قال : دخل الحسن بن علي عليهماالسلام على معاوية بعد عام الجماعة ، وهو جالس في مجلس ضيق ، فجلس عند رجليه ، فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ، ثم قال : عجبا لعائشة : تزعم أني في غير ما انا أهله ، وأن الذي أصبحت فيه ليس في الحق ما لها ولهذا؟ يغفر الله لها ، إنما كان ينازعني في هذا الامر أبوهذا الجالس ، وقد استأثر الله به.
فقال الحسن عليهالسلام : أو عجب ذلك يا معاوية؟ قال : إي والله ، قال : أفلا اخبرك بما هو أعجب من هذا؟ قال : ما هو؟ قال : جلوسك في صدر المجلس وأنا عند رجليك ، فضحك معاوية وقال : يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا ، قال : إن علي دينا ، قال : كم هو؟ قال : مائة ألف ، فقال : قد أمرنا لك بثلاث مائة ألف : مائة منها لدينك ، ومائة تقسمها في أهل بيتك ، ومائة لخاصة نفسك ، فقم مكرما فاقبض صلتك.
فلما خرج الحسن عليهالسلام قال يزيد بن معاوية لابيه : تالله ما رأيت؟