مصر على العناد في تكذيب الحديث ، فنام ذلك الرجل تلك الليلة فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت ، وحشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقد نصبت الموازين ، وامتد الصراط ، ووضع الحساب ، ونشرت الكتب ، واسعرت النيران ، وزخرفت الجنان ، واشتد الحر عليه ، وإذا هو قد عطش عطشا شديدا وبقي يطلب الماء ، فلا يجده ،
____________________
فليس هذه الاحاديث الا موضوعة من قبل الغلاة ، ودسهم في أخبار أهل البيت ، ترويجا لمرامهم الفاسد ، ومسلكهم في أن ولاء أهل البيت انما هو محبتهم ، لا الدخول تحت سلطانهم وأمرهم ونهيهم على ما هو الصحيح من معنى الولاية.
وبعضهم الاخر الذين يروون الحديث ولا يعقلون فيه ولا يتدبرون أخذ بالاطلاق ، وادعى أن « من بكى على الحسين أو أبكى أوتباكى فله الجنة » حتى في زماننا هذا وعصرنا كائنا من كان ، ثم شد على المنكرين بأنهم كفرا وخرجوا عن المذهب ولم يعرفوا الائمة حق معرفتهم و ... ثم اذا الزم بالاشكال أخذ في تأويل الاحاديث وأخرجها عن معانيها ومغزاها ، أو سرد في الجواب بعض الاقاصيص والرؤى.
والحق ان هذه الاحاديث بين صحاح وحسان وضعاف مستفيضة بل متواترة لا تتطرق اليها يد الجرح والتأويل ، لكنها صدرت حينما كان ذكر الحسين ، والبكاء عليه وزيارته ، ورثاؤه ، وانشاد الشعر فيه ، انكارا للمنكر ، ومجاهدة في ذات الله ، ومحاربة مع أعداء الله : بنى أمية الظالمة الغشوم ، وهدما لاساسهم ، وتقبيحا وتنفيرا من سيرتهم الكافرة بالقرآن والرسول.
ولذلك كانت الائمة عليهمالسلام يرغبون الشيعة في تلك الجهاد المقدس باعلاء كلمة الحسين واحياء أمره بأى نحو كان بالرثاء والمديح والزيارة والبكاء عليه ، وفى مقابلهم بنو أمية تعرج على اماتة ذكر الحسين ، ويمنع من زيارته ورثائه والبكاء عليه فمن وجدوه يفعل شيئا من ذلك أخذوه وشردهوه وقتلوه وهدموا داره ولا جل تلك المحاربة القائمة بين الفريقين : أنصار الدين ، وأنصار الكفر ، أباد المتوكل قبر الحسين وسواه مع الارض وأجرى الماء عليه ليطفئ نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون.