باكيا فقال له : ابنه ما يبكيك يا أبه ، فقال : يا بني إنها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها وإنه عرض لي في منام عارض ، فقال : تسرعون السير والمنايا تسير بكم إلى الجنة.
ثم سار حتى نزل الرهيمة (١) فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنى أبا هرم فقال : يا ابن النبي ما الذي أخرجك من المدينة؟ فقال : ويحك يا باهرم شتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا مالي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله ليقتلني ثم ليلبسنهم الله ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وليسلطن عليهم من يذلهم.
قال : وبلغ عبيدالله بن زياد لعنه الله الخبر وأن الحسين عليهالسلام قد نزل الرهيمة فأسرى إليه حربن يزيد في ألف فارس قال الحر : فلما خرجت من منزلي متوجها نحو الحسين عليهالسلام نوديث ثلاثا : يا حر أبشر بالجنة ، فالتفت فلم أر أحدا فقلت : ثكلت الحر امه ، يخرج إلى قتال ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ويبشر بالجنة؟ فرهقه عند صلاه الظهر فأمر الحسين عليهالسلام ابنه فأذن وأقام وقام الحسين عليهالسلام فصلى بالفريقين فلما سلم وثب الحر بن يزيد فقال : السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال الحسين : وعليك السلام من أنت يا عبدالله؟ فقال : أنا الحر بن يزيد ، فقال : ياحر أعلينا أم لنا؟ فقال الحر : والله يا ابن رسول الله لقد بعثت لقتالك وأعوذ بالله أن احشر من قبري وناصيتي مشدودة إلي ويدي مغلولة إلى عنقي واكب على حر وجهي في النار ، يا ابن رسول الله أين تذهب؟ ارجع إلى حرم جدك فانك مقتول.
فقال الحسين عليهالسلام :
سأمضي فما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما |
وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبورا وخالف مجرما (٢) |
فان مت لم أندم وإن عشت لم الم |
|
كفى بك ذلا أن تموت وترغما |
____________________
(١) كجهينة عين ماء بالكوفة.
(٢) المثبور : المخسور والملعون المطرود قال الكميت :
ورأت قضاعة في الايا |
|
من رأى مثبور وثابر |