ثم سار الحسين حتى نزل القطقطانة (١) فنظر إلى فسطاط مضروب فقال : لمن هذا الفسطاط؟ فقيل : لعبدالله بن الحر الحنفي فأرسل إليه الحسين عليهالسلام فقال : أيها الرجل إنك مذنب خاطئ وإن الله عزوجل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدى الله تبارك وتعالى.
فقال : يا ابن رسول الله والله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك ، ولكن هذا فرسي خذه إليك فو الله ما ركبته قط وأنا أروم شيئا إلا بلغته ، ولا أراداني أحد إلا نجوت عليه ، فدونك فخذه فأعرض عنه الحسين عليهالسلام بوجهه ثم قال : لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك وما كنت متخذ المضلين عضدا ، ولكن فر ، فلا لنا ولا علينا فانه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يجبنا ، كبه الله على وجهه في نار جهنم.
ثم سار حتى نزل بكربلا فقال : أي موضع هذا؟ فقيل : هذا كربلاء يا ابن رسول الله ، فقال عليهالسلام : هذا والله يوم كرب وبلاء ، وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا ، ويباح فيه حريمنا فأقبل عبيدالله بن زياد بعسكره حتى عسكر بالنخيلة وبعث إلى الحسين رجلا يقال له : عمر بن سعد قائده في أربعة آلاف فارس ، وأقبل عبدالله بن الحصين التميمي في ألف فارس ، وكتب لعمر بن سعد على الناس وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه.
فبلغ عبيدالله بن زياد أن عمربن سعد يسامر الحسين عليهالسلام ويحدثه ، ويكره قتاله ، فوجه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس ، وكتب إلى عمر بن سعد إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي وخذ بكظمه ، وحل بين الماء وبينه ، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار ، فما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد لعنه الله أمر مناديه فنادى : إنا قد أجلنا حسينا وأصحابه يومهم وليلتهم.
فشق ذلك على الحسين وعلى أصحابه ، فقام الحسين في أصحابه خطيبا فقال :
__________________
(١) موضع بالكوفه كانت سجن ، لنعمان بن المنذر.