ويوصل إلى كل ذي حق حقه ، وأجابه معاوية إلى ذلك كله ، وعاهد عليه وحلف له بالوفاء له.
فلما استتمت الهدنة على ذلك سار معاوية حتى نزل بالنخيلة ، وكان ذلك اليوم يوم الجمعة فصلى بالناس ضحى النهار فخطبهم وقال في خطبته : إني والله ما فاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لاتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون ، ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشئ منها له.
ثم سار حتى دخل الكوفة فأقام بها أياما فلما استتمت البيعة له من أهلها صعد المنبر ، فخطب الناس وذكر أمير المؤمنين عليهالسلام ونال منه ، ونال من الحسن عليهالسلام ما نال ، وكان الحسن والحسين عليهماالسلام حاضرين ، فقام الحسين عليهالسلام ليرد عليه ، فأخذ بيده الحسن عليهالسلام فأجلسه ، ثم قام فقال : أيها الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وامي فاطمة وامك هند ، وجدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وجدك حرب ، وجدتي خديجة وجدتك قتيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا وألامنا حسبا ، وشرنا قدما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا ، فقالت طوائف من أهل المسجد : آمين آمين (١).
توضيح : قوله « فكأن قد » أي فكأن قد نزلت أو جاءت ، وحذف مدخول قد شائع ، قوله « وبيده مغول » في بعض النسخ بالغين المعجمة ، قال الفيروز آبادي : المغول كمنبر حديدة تجعل في السوط فيكون لها غلاف وشبه مشمل إلا أنه أدق [ وأطول منه ] ونصل طويل أو سيف دقيق له قفا واسم وفي بعضها بالمهملة وهي حديدة ينقر بها الجبال ، و « الخضخضة » التحريك ، و « الفتك » أن يأتي الرجل صاحبه وهو
____________________
(١) الارشاد ص ١٧٠ ١٧٣. ورواه ابوالفرج في مقاتل الطالبيين عن ابى عبيد عن يحيى بن معين ، وبعد ما أتى على آخر الخبر من قوله فقال طوائف من أهل المسجد آمين. قال فقال يحيى بن معين ونحن نقول آمين ، قال أبوعبيد ونحن أيضا نقول آمين قال أبوالفرج وأنا أقول آمين قلت وأنا أيضا أقول : آمين.