وأنا اقسم بالله قسما بارا أن حراسة سفيان ومعاوية بن مرة ومالك بن معول وخيثمة بن عبد الرحمن خشبة (١) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام بكناس الكوفة بأمر هشام بن عبدالملك من العدوان الذي زجر الله عزوجل عنه وأن حراسة من سميتم بخشبة زيد رضوان الله عليه ، الداعية بنقل صدقة بانقياء إلى الحيرة.
فإن عذر عاذر عمن سميتهم بالعجز عن نصر البر الذي هو الامام من قبل الله عزوجل ، الذي فرض طاعته على العباد ، على الفاجر الذي تأمر باعانة الفجرة إياه ، قلنا : لعمري إن العاجز معذور فيما عجز عنه ، ولكن ليس الجاهل بمعذور في ترك الطلب ، فيما فرض الله عزوجل عليه ، وإيجابه على نفسه فرض طاعته وطاعة رسول الله (ص) وطاعة اولي الامر ، وبأنه لا يجوز أن يكون سريرة ولاة الامر بخلاف علانيتهم ، كما لم يجز أن يكون سريرة النبي (ص) الذي هو أصل ولاة الامر وهم فرعه ، بخلاف علانيته.
وإن الله عزوجل العالم بالسرائر والضمائر ، والمطلع على ما في صدور العباد ، لم يكل علم ما لم يعلمه العباد إلى العباد ، عزوجل عن تكليف العباد ما ليس في وسعهم وطوقهم ، إذ ذاك ظلم من المكلف ، وعبث منه ، وأنه لا يجوز أن يجعل جل وتقدس اختيار من يستوي سريرته بعلانيته ، ومن لا يجوز ارتكاب الكبائر الموبقة والغضب والظلم منه ، إلى من لا يعلم السرائر والضمائر ، فلا يسع أحدا جهل هذه الاشياء.
وإن وسع العاجز بعجزه ترك ما يعجز عنه ، فانه لا يسعه الجهل بالامام البر الذي هو إمام الابرار ، والعاجز بعجزه معذور ، والجاهل غير معذور ، فلا يجوز أن لا يكون للابرار إمام ، وإن كان مقهورا في قهر الفاجر والفجار ، فمتى
____________________
(١) هؤلاء كانوا موكلين على حراسة خشبة صلب عليها زيد بن على بن الحسين عليهمالسلام ، لئلا ينزلوه ويدفنوه ، فبقى جثته رضوان الله عليه أربع سنين على الصليب ثم استنزلوه وأحرقوه.