وقال المفيد رحمه الله دفنوا الحسين صلوات الله عليه حيث قبره الآن ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عند رجليه وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام وجمعوهم ودفنوهم جميعا معا ودفنوا العباس بن علي رضي الله عنه في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن (١).
وقال السيد رحمه الله وسار ابن سعد بالسبي المشار إليه فلما قاربوا الكوفة اجتمع أهلها للنظر إليهن قال فأشرفت امرأة من الكوفيات فقالت من أي الأسارى أنتن فقلن نحن أسارى آل محمد فنزلت من سطحها وجمعت ملاء وأزرا ومقانع (٢) فأعطتهن فتغطين قال وكان مع النساء علي بن الحسين عليه السلام قد نهكته العلة والحسن بن الحسن المثنى وكان قد واسى عمه وإمامه في الصبر على الرماح (٣) وإنما ارتث وقد أثخن بالجراح.
وكان معهم أيضا زيد وعمرو ولدا الحسن السبط عليه السلام فجعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون فقال علي بن الحسين عليهما السلام أتنوحون وتبكون من أجلنا فمن قتلنا قال بشير بن خزيم الأسدي ونظرت إلى زينب بنت علي عليه السلام يومئذ ولم أر والله خفرة قط أنطق منها كأنما تفرع عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ثم قالت الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار
__________________
(١) الإرشاد ص ٢٢٧.
(٢) ملاء جمع ملاءة وهي الريطة ذات لفقين ، وأزر جمع ازار وهو ثوب يلبس على الفخذين ومقانع جمع مقنع ـ بالكسر ـ ما تقنع به المرأة رأسها وتغطيه به.
(٣) في المصدر المطبوع : « فى الصبر على ضرب السيوف وطعن الرماح » ثم قال : وروى مصنف كتاب المصابيح أن الحسن بن الحسن المثنى قتل بين يدي عمه الحسين عليهالسلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفسا وأصابه ثمانية عشر جراحة ، فوقع فأخذ خاله أسماء بن خارجة فحمله الى الكوفة وداواه حتى برء.