١٥ ـ أقول : رأيت في بعض مؤلفات المتأخرين أنه قال حكى دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله فلما رآني مقبلا قال لي مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه ثم إنه وسع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه ثم قال لي يا دعبل أحب أن تنشدني شعرا فإن هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة.
ثم إنه عليه السلام نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين عليه السلام ثم التفت إلي وقال لي يا دعبل ارث الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت قال دعبل فاستعبرت وسالت عبرتي وأنشأت أقول :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا |
|
وقد مات عطشانا بشط فرات |
إذا للطمت الخد فاطم عنده |
|
وأجريت دمع العين في الوجنات |
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي |
|
نجوم سماوات بأرض فلاة |
قبور بكوفان وأخرى بطيبة |
|
وأخرى بفخ نالها صلواتي |
قبور ببطن النهر من جنب كربلا |
|
معرسهم فيها بشط فرات |
توافوا [ توفوا ] عطاشا بالعراء فليتني |
|
توفيت فيهم قبل حين وفاتي |
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم (١) |
|
سقتني بكأس الثكل والفضعات [الفظعات] |
إذا فخروا يوما أتوا بمحمد |
|
وجبريل والقرآن والسورات |
وعدوا عليا ذا المناقب والعلا |
|
وفاطمة الزهراء خير بنات |
وحمزة والعباس ذا الدين والتقى |
|
وجعفرها الطيار في الحجبات |
__________________
(١) اللوعة : حرقة الحزن والهوى والوجد.