ثم قال كعب يا قوم كأنكم تتعجبون بما أحدثكم فيه من أمر الحسين عليه السلام وإن الله تعالى لم يترك شيئا كان أو يكون من أول الدهر إلى آخره إلا وقد فسره لموسى عليه السلام وما من نسمة خلقت إلا وقد رفعت إلى آدم في عالم الذر وعرضت عليه ولقد عرضت عليه هذه الأمة ونظر إليها وإلى اختلافها وتكالبها على هذه الدنيا الدنية فقال آدم يا رب ما لهذه الأمة الزكية وبلاء الدنيا وهم أفضل الأمم فقال له يا آدم إنهم اختلفوا فاختلفت قلوبهم وسيظهرون الفساد في الأرض كفساد قابيل حين قتل هابيل وإنهم يقتلون فرخ حبيبي محمد المصطفى.
ثم مثل لآدم عليه السلام مقتل الحسين ومصرعه ووثوب أمة جده عليه فنظر إليهم فرآهم مسودة وجوههم فقال يا رب ابسط عليهم الانتقام كما قتلوا فرخ نبيك الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.
وروي في الكتاب المذكور عن سعيد بن المسيب قال : لما استشهد سيدي ومولاي الحسين عليه السلام وحج الناس من قابل دخلت على علي بن الحسين فقلت له يا مولاي قد قرب الحج فما ذا تأمرني فقال امض على نيتك وحج فحججت فبينما أطوف بالكعبة وإذا أنا برجل مقطوع اليدين ووجهه كقطع الليل المظلم وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول اللهم رب هذا البيت الحرام اغفر لي وما أحسبك تفعل ولو تشفع في سكان سماواتك وأرضك وجميع ما خلقت لعظم جرمي.
قال سعيد بن المسيب فشغلت وشغل الناس عن الطواف حتى حف به الناس واجتمعنا عليه فقلنا يا ويلك لو كنت إبليس ما كان ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله فمن أنت وما ذنبك فبكى وقال يا قوم أنا أعرف بنفسي وذنبي وما جنيت فقلنا له تذكره لنا فقال أنا كنت جمالا لأبي عبد الله عليه السلام لما خرج من المدينة إلى العراق وكنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها وكنت أتمناها تكون لي إلى أن صرنا بكربلاء وقتل الحسين وهي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض.
فلما جن الليل خرجت من مكاني فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة