قريش كابرتمونا حتى دفعتمونا عن حقنا ووليتم الأمر دوننا فبعدا لمن تحرى ظلمنا واستغوى السفهاء علينا ( كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ ) وقوم لوط وأصحاب مدين ألا وإن من أعجب الأعاجيب وما عسى أن أعجب حملك بنات عبد المطلب وأطفالا صغارا من ولده إليك بالشام كالسبي المجلوبين تري الناس أنك قهرتنا وأنت تمن علينا وبنا من الله عليك ولعمر الله فلئن كنت تصبح آمنا من جراحة يدي إني لأرجو أن يعظم الله جرحك من لساني ونقضي وإبرامي والله ما أنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول الله صلى الله عليه واله أن يأخذك أخذا أليما ويخرجك من الدنيا ( مَذْمُوماً مَدْحُوراً ) فعش لا أبا لك ما استطعت فقد والله ازددت عند الله أضعافا واقترفت مأثما ( وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى ).
ذكر كتاب يزيد لعنه الله إلى محمد بن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته.
كتب يزيد لعنه الله إلى محمد بن علي ابن الحنفية وهو يومئذ بالمدينة أما بعد فإني أسأل الله لنا ولك عملا صالحا يرضى به عنا فإني ما أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك حلما وعلما ولا أحضر فهما وحكما ولا أبعد من كل سفه ودنس وطيش وليس من يتخلق بالخير تخلقا وينتحل الفضل تنحلا كمن جبله الله على الخير جبلا وقد عرفنا ذلك منك قديما وحديثا شاهدا وغائبا غير أني قد أحببت زيارتك والأخذ بالحظ من رؤيتك فإذا نظرت في كتابي هذا فأقبل إلي آمنا مطمئنا أرشدك الله أمرك وغفر لك ذنبك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال فلما ورد الكتاب على محمد بن علي وقرأه أقبل على ابنيه جعفر وعبد الله أبي هاشم فاستشارهما في ذلك فقال له ابنه عبد الله يا أبه اتق الله في نفسك ولا تصر إليه فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين ولا يبالي فقال محمد يا بني ولكني لا أخاف ذلك منه فقال له ابنه جعفر يا أبه إنه قد ألطفك في كتابه إليك ولا أظنه يكتب إلى أحد من قريش بأن أرشدك الله أمرك وغفر لك ذنبك وأنا أرجو أن يكف الله شره عنك قال فقال محمد بن علي يا بني إني توكلت على الله الذي ( يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً ).