قال ثم تجهز محمد بن علي وخرج من المدينة وسار حتى قدم على يزيد بن معاوية بالشام فلما استأذن أذن له وقربه وأدناه وأجلسه معه على سريره ثم أقبل عليه بوجهه فقال يا أبا القاسم آجرنا الله وإياك في أبي عبد الله الحسين بن علي فو الله لئن كان نقصك فقد نقصني ولئن كان أوجعك فقد أوجعني ولو كنت أنا المتولي لحربه لما قتلته ولدفعت عنه القتل ولو بحز أصابعي وذهاب بصري ولفديته بجميع ما ملكت يدي وإن كان قد ظلمني وقطع رحمي ونازعني حقي ولكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي في ذلك فعجل عليه بالقتل فقتله ولم يستدرك ما فات وبعد فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ولم يكن يجب على أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا وعزيز علي ما ناله والسلام فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.
قال فتكلم محمد بن علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني قد سمعت كلامك فوصل الله رحمك ورحم حسينا وبارك له فيما صار إليه من ثواب ربه والخلد الدائم الطويل في جوار الملك الجليل وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك وما عراك فقد عرانا من فرح وترح وكذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي والعمل ولجانبت أسوأ الفعل والخطل والآن فإن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره فإنه أخي وشقيقي وابن أبي وإن زعمت أنه قد كان ظلمك وكان عدوا لك كما تقول.
قال فقال له يزيد إنك لن تسمع مني إلا خيرا ولكن هلم فبايعني واذكر ما عليك من الدين حتى أقضيه عنك قال فقال له محمد بن علي رضي الله عنه أما البيعة فقد بايعتك وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي دين والحمد لله وإني من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة لا أقوم بشكرها.
قال فالتفت يزيد لعنه الله إلى ابنه خالد فقال يا بني إن ابن عمك هذا بعيد من الخب واللؤم والدنس والكذب ولو كان غيره كبعض من عرفت لقال علي من الدين كذا وكذا ليستغنم أخذ أموالنا قال ثم أقبل عليه يزيد فقال بايعتني يا أبا القاسم