والله لقد كان هذا الرجل يقول اسقوني ماء فيؤتى بماء فيشرب حتى يخرج من فيه ثم يقول اسقوني قتلني العطش فلم يزل كذلك حتى مات (١).
فقالوا ثم رماه رجل من القوم يكنى أبا الحتوف الجعفي (٢) بسهم فوقع السهم في جبهته فنزعه من جبهته فسالت الدماء على وجهه ولحيته فقال عليه السلام اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ولا تغفر لهم أبدا.
ثم حمل عليهم كالليث المغضب فجعل لا يلحق منهم أحدا إلا بعجه (٣) بسيفه فقتله والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بنحره وصدره ويقول يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابوا قتله بل يهون عليكم عند قتلكم إياي وايم الله إني لأرجو أن يكرمني ربي بالشهادة بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
قال فصاح به الحصين بن مالك السكوني فقال يا ابن فاطمة وبما ذا ينتقم لك منا قال يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم ثم يصب عليكم العذاب الأليم ثم لم يزل يقاتل حتى أصابته جراحات عظيمة.
وقال صاحب المناقب والسيد حتى أصابته اثنتان وسبعون جراحة وقال ابن شهرآشوب قال أبو مخنف عن جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام قال وجدنا بالحسين ثلاثا وثلاثين طعنة وأربعا وثلاثين ضربة وقال الباقر عليه السلام أصيب الحسين عليه السلام ووجد به ثلاثمائة وبضع وعشرون طعنة برمح وضربة بسيف أو رمية بسهم وروي ثلاثمائة وستون جراحة وقيل ثلاث وثلاثون ضربة سوى السهام وقيل ألف وتسعمائة جراحة وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ وروي أنها كانت كلها في مقدمه (٤).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين ص ٨٦.
(٢) واسمه زياد بن عبد الرحمن. قيل والصحيح : أبا الجنوب كنى باسم ولده جنوب.
(٣) نفحه خ ل.
(٤) راجع مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ١١٠ و ١١١ ، كتاب الملهوف ص ١٠٦ و ١١٤.