عليهالسلام : البلدان أوسع من ذاك ، فمن أين جئت؟ قال : جئت من الاحقاف أحقاف عاد ، قال : نعم فرأيت ثمة سدرة إذا مر التجار بها استظلوا بفيئها؟ قال : وما علمك جعلني الله فداك؟ قال : هو عندنا في كتاب وأي شئ رأيت أيضا؟ قال : رأيت واديا مظلما فيه الهام والبوم لايبصر قعره ، قال : وتدري ما ذاك الوادي قال : لا والله ما أدري ، قال : ذاك برهوت فيه نسمة كل كافر ، ثم قال : أين بلغت؟ قال : فقطع بالاعرابي ، فقال : بلغت قوما جلوسا في مجالسهم ، ليس لهم طعام ولاشراب ، إلا ألبان أغنامهم فهي طعامهم وشرابهم ، ثم نظر إلى السماء فقال : اللهم العنه ، فقال له جلساؤه : من هو جعلنا فداك؟ قال : هو قابيل يعذب بحر الشمس وزمهرير البرد ، ثم جاءه رجل آخر ، فقال له : رأيت جعفرا؟ فقال الاعرابي : ومن جعفر هذا الذي يسأل عنه؟ قالوا : ابنه قال : سبحان الله وما أعجب هذا الرجل يخبرنا عن خبر السماء ولا يدري أين ابنه (١)!؟
بيان : البلدان أوسع من ذاك : أي هي أكثر من أن تأتي من أقصاه أو من أن يعين ويعرف بذلك ، والهام طائر من طير الليل وهو الصدى ، قوله : فيه نسمة كل كافر أي يعذب فيها أرواحهم وسيأتي بيانها في كتاب الجنائز ، وقوله : فقطع الاعرابي على المجهول أي بهت وسكت ، اؤ بالمعلوم أي قطع عليهالسلام كلامه وعلى التقديرين فاعل قال بعد ذلك هو أبوجعفرعليهالسلام وبلغت بصيغة الخطاب وإنما سأل عليهالسلام عن هذا القوم ليبين أن ابن آدم يعذب في قريتهم ، ولذا قال بعد ذلك : اللهم العنه.
٣١ ـ يج : روي عن أبي بصير قال : دخلت المسجد مع أبي جعفر عليهالسلام والناس يدخلون ويخرجون فقال لي : سل الناس هل يرونني؟ فكل من لقيته قلت له : أرأيت أبا جعفر؟ يقول : لا ، وهو واقف حتى دخل أبوهارون المكفوف ، قال : سل هذا ، فقلت : هل رأيت أبا جعفر؟ فقال : أليس هو بقائم ، قال : وما علمك؟ قال : وكيف لا أعلم وهو نور ساطع ، قال : وسمعت يقول لرجل من أهل الافريفية : ما حال
____________________
(١) بصائر الدرجات ج ١٩ باب ١٨ ص ١٤٨.