بيان : قوله : حتى لا ابالي أي سمعت كثيرا بحيث لا ابالي أن لا أسمع بعد ذلك ، والترديد من الراوي في كلمة أن.
٢ ـ د : روى أبوالحسن اليشكري ، عن عمرو بن العلا ، عن يونس النحوي اللغوي ، قال : حضرت مجلس الخليل بن أحمد العروضي قال : حضرت مجلس الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان وقد اسحنفر في سب علي واثعنجر في ثلبه إذ خرج عليه أعرابي على ناقة له وذفراها يسيلان لاغذاذ السيردما ، فلما رآه الوليد لعنه الله في منظرته قال : ائذنوا لهذا الاعرابي فإني أراه قد قصدنا ، و جاء الاعرابي فعقل ناقته بطرف زمامها ، ثم أذن له فدخل ، فأورده قصيدة لم يسمع السامعون مثلها جودة قط ، إلى أن انتهي إلى قوله :
ولما أن رأيت الدهر ألى |
|
علي ولح في إضعاف حالي |
وفدت إليك أبغي حسن عقبى |
|
أسد بها خصاصات العيال |
وقائلة إلى من قد رآه |
|
يؤم ومن يرجي للمعالي |
فقلت إلى الوليد أزم قصدا |
|
وقاه الله من غير الليالي |
هو الليث الهصور شديد بأس |
|
هو السيف المجرد للقتال |
خليفة ربنا الداعي علينا |
|
وذو المجد التليد أخو الكمال |
قال : فقبل مدحته وأجزل عطيته ، وقال له : يا أخا العرب قد قبلنا مدحتك و أجزلنا صلتك ، فاهج لنا عليا أبا تراب ، فوثب الاعرابي يتهافت قطعا (١) ويزأر حنقا (٢) ويشمذر شفقا ، وقال : والله إن الذي عنيته بالهجاء ، لهو أحق منك بالمديح ، وأنت أولى منه بالهجاء ، فقال له جلساؤه : اسكت نزحك الله قال : علام ترجوني؟ وبم تبشروني؟ ولما أبديت سقطا ، ولا قلت شططا ، ولا ذهبت غلطا ، على أنني فضلت عليه من هو أولى بالفضل منه ، علي بن أبيطالب صلوات الله عليه ، الذي
____________________
(١) التهافت : التساقط ، وقطعا جمع قطعة وهى الطائفة من الشئ والمراد بها هنا شطر من الكلام.
(٢) الحنق : محركة الغيظ أو شدته.