تجلبب بالوقار ، ونبذ الشنار (١) وعاف (٢) العار ، وعمد الانصاف ، وأبد الاوصاف وحصن الاطراف ، وتألف الاشراف ، وأزال الشكوك في الله بشرح ما استودعه الرسول من مكنون العلم الذي نزل به الناموس (٣) وحيا من ربه ولم يفتر (٤) طرفا ، ولم يصمت الفا ، ولم ينطق خلفا ، الذي شرفه فوق شرفه ، وسلفه في الجاهلية أكرم من سلفه ، لاتعرف الماديات في الجاهلية إلا بهم ، ولا الفضل إلا فيهم ، صفة من اصطفاه الله واختارها.
فلا يغتر الجاهل بأنه قعد عن الخلافة بمثابرة من ثابر عليها ، وجالد بها والسلال المارقة ، والاعوان الظالمة ، ولئن قلتم ذلك كذلك إنما استحقها بالسبق تالله ما لكم الحجة في ذلك ، هلا سبق صاحبكم إلى المواضع الصعبة ، والمنازل الشعبة ، والمعارك المرة ، كماسبق إليها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، الذي لم يكن بالقبعة ولا الهبعة ، ولا مضطغنا آل الله ، ولامنافقا رسول الله.
كان يدرؤ عن الاسلام كل أصبوحة ويذب عنه كل أمسية ، ويلج بنفسه في الليل الديجور المظلم الحلكوك ، مرصدا للعدو. هو ذل تارة وتضكضك اخرى ، و يا رب لزبة آتية قسية وأو ان آن أرونان قذف بنفسه في لهوات وشيجة ، وعليه زغفة ابن عمه الفضفاضة ، وبيده خطية عليها سنان لهذم ، فبرز عمرو بن ود القرم الاود ، والخصم الالد ، والفارس الاشد ، على فرس عنجوج ، كأنما نجر نجره باليلنجوج ، فضرب قونسه ضربة قنع منها عنقه ، او نسيتم عمرو بن معدي كرب الزبيدي إذ أقبل يسحب ذلاذل درعه ، مدلا بنفسه ، قد زحزح الناس عن أماكنهم ونهضهم عن مواضعهم ، ينادي أين المبارزون يمينا وشمالا؟ فانقض عليه كسوذنيق أو كصيخودة منجنيق ، فوقصه وقص القطام بحجره الحمام ، وأتى به إلى رسول الله
____________________
(١) الشنار : بالفتح أقبح العيب والعار.
(٢) عاف الشئ كرهه.
(٣) الناموس الملك الذى يجئ بالوحى كجبرئيل عليهالسلام.
(٤) فتر فتورا سكن بعد حدة.