وروي أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى عامله بخراسان أن أوفد إلي من علماء بلادك مائة رجل أسألهم عن سيرتك ، فجمعهم وقال لهم ذلك فاعتذروا وقالوا إن لنا عيالا وأشغالا لا يمكننا مفارقته ، وعدله لا يقتضي إجبارنا ، ولكن قد أجمعنا على رجل منا يكون عوضنا عنده ، ولساننا لديه ، فقوله قولنا ، ورأيه رأينا فأوفد به العامل إليه ، فلما دخل عليه سلم وجلس ، فقال له : أخل لي المجلس فقال له : ولم ذلك؟ وأنت لاتخلو أن تقول حقأ فيصدقوك ، أو تقول باطلا فيكذبوك فقال له : ليس من أجلي اريد خلو المجلس ، ولكن من أجلك ، فإني أخاف أن يدور بيننا كلام تكره سماعه.
فأمر باخراج أهل المجلس ثم قال له : قل! فقال : أخبرني عن هذا الامر من أين صار إليك؟ فسكت طويلا فقال له : ألا تقول؟ فقال : لا ، فقال : ولم؟ فقال له : إن قلت بنص من الله ورسوله كان كذبا ، وإن قلت باجماع المسلمين ، قلت فنحن أهل بلاد المشرق ولم نعلم بذلك ، ولم نجمع عليه ، وإن قلت بالميراث من آبائي ، قلت بنو أبيك كثير فلم تفردت أنت به دونهم؟ فقال له : الحمدلله على اعترافك على نفسك بالحق لغيرك ، أفأرجع إلى بلادي؟ فقال : لا فوالله إنك لواعظ قط فقال له : فقل ما عندك بعد ذلك فقال له : رأيت أن من تقدمني ظلم و غشم وجار واستأثر بفئ المسلمين ، وعلمت من نفسي أني لا أستحل ذلك ، وإن المؤمنين لاشئ يكون أنقص وأخف عليهم فوليت ، فقال له : أخبرني لو لم تل هذا الامر ووليه غيرك ، وفعل ما فعل من كان قبله ، أكان يلزمك من إثمه شئ؟ فقال : لا ، فقال له : فأراك قد شريت راحة غيرك بتعبك ، وسلامته بخطرك فقال له : إنك لواعظ قد ، فقام ليخرج ثم قال له : والله لقد هلك أولنا بأولكم وأوسطنا بأوسطكم ، وسيهلك آخرنا بآخركم ، والله المستعان عليكم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
٢٤ ـ ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن السعد آبادي عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد من أصحابه ، عن