فركب أبو عبد الله عليهالسلام البغلة وركب أبو حنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا فلما ارتفع النهار نظر أبو عبد الله عليهالسلام إلى السراب يجري قد ارتفع كأنه الماء الجاري فقال أبو عبد الله عليهالسلام يا أبا حنيفة ما ذا عند الميل كأنه يجري قال ذاك الماء يا ابن رسول الله فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد فقال أبو عبد الله عليهالسلام اقبض ثمن البغل قال الله تعالى « كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ » (١) قال خرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالوا له ما لك يا أبا حنيفة قال ذهبت البغلة هدرا وكان قد أعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم (٢).
٢٥ ـ كنز الفوائد للكراجكي : ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاما مع الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام فلما رفع عليهالسلام يده من أكله قال : « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم إن هذا منك ومن رسولك فقال أبو حنيفة يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكا فقال له ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه : « وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ » (٣) ويقول في موضع آخر « وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ » (٤) فقال أبو حنيفة والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت فقال أبو عبد الله عليهالسلام بلى قد قرأتهما وسمعتهما ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك : « أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » (٥) وقال (٦) : « كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » (٧).
__________________
(١) سورة النور الآية : ٣٩.
(٢) الاختصاص ص ١٩٠ وأخرجه السيد البحراني في تفسيره البرهان ج ٣ ص ١٤٠.
(٣) سورة التوبة : الآية : ٧٤.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٥٩.
(٥) سورة محمد « ص » الآية : ٢٤.
(٦) سورة المطففين ، الآية : ١٤.
(٧) كنز الفوائد للكراجكي ص ١٩٦ طبع ايران سنة ١٣٢٢.