ودل على الصغير أن أدخل يده مع الكبير وسر الأمر العظيم بالمنصور حتى إذا سأل المنصور من وصيه قيل أنت قال الخراساني فلم أفهم جواب ما قاله ووردت المدينة ومعي المال والثياب والمسائل وكان فيما معي درهم دفعته إلي امرأة تسمى شطيطة ومنديل فقلت لها أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت إن الله « لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ » فعوجت الدرهم وطرحته في بعض الأكياس فلما حصلت بالمدينة سألت عن الوصي فقيل عبد الله ابنه فقصدته فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت بعد الإذن فإذا هو جالس في منصبه فأنكرت ذلك أيضاً.
فقلت : أنت وصي الصادق الإمام المفترض الطاعة قال نعم قلت كم في المائتين من الدراهم الزكاة قال خمسة دراهم فقلت وكم في المائة قال درهمان ونصف قلت ورجل قال لامرأته أنت طالق بعدد نجوم السماء تطلق بغير شهود قال نعم ويكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا فتعجبت من جواباته ومجلسه فقال احمل إلي ما معك قلت ما معي شيء وجئت إلى قبر النبي صلىاللهعليهوآله فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال سلام عليك فرددت عليه السلام قال أجب من تريد فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة ودخل فأدخلني فرأيت موسى بن جعفر عليهالسلام على حصير الصلاة فقال إلي يا أبا جعفر وأجلسني قريبا فرأيت دلائله أدبا وعلما ومنطقا وقال لي احمل ما معك فحملته إلى حضرته فأومأ بيده إلى الكيس فقال لي افتحه ففتحته وقال لي اقلبه فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه وقال افتح تلك الرزمة (١) ففتحتها وأخذ المنديل منها بيده وقال وهو مقبل علي إن الله « لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ » يا أبا جعفر اقرأ على شطيطة السلام مني وادفع إليها هذه الصرة.
وقال لي : اردد ما معك إلى من حمله وادفعه إلى أهله وقل قد قبله ووصلكم به وأقمت عنده وحادثني وعلمني وقال ألم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر
__________________
(١) الرزمة : من الثياب وغيرها : ما جمع وشد معا جمع رزم.