البيت الذي دفن فيه صاحبك ولم يصبها من البيت ذراع في ذراع وإن كان صدقة فالبلية أطم وأعظم فإنه لم يصب له من البيت إلا ما لأدنى رجل من المسلمين فدخول بيت النبي صلىاللهعليهوآله بغير إذنه في حياته وبعد وفاته معصية إلا لعلي بن أبي طالب عليهالسلام وولده فإن الله أحل لهم ما أحل للنبي صلىاللهعليهوآله.
ثم قال إنكم تعلمون أن النبي صلىاللهعليهوآله أمر بسد أبواب جميع الناس التي كانت مشرعه إلى المسجد ما خلا باب علي عليهالسلام فسأله أبو بكر أن يترك له كوة لينظر منها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأبى عليه وغضب عمه العباس من ذلك فخطب النبي صلىاللهعليهوآله خطبة وقال إن الله تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون : « أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً » وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء إلا موسى وهارون وذريتهما وإن عليا مني هو بمنزلة هارون من موسى وذريته كذرية هارون ولا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يبيت فيه جنبا إلا علي وذريته عليهالسلام فقالوا بأجمعهم كذلك كان.
قال أبو جعفر ذهب ربع دينك يا ابن أبي خدرة وهذه منقبة لصاحبي ليس لأحد مثلها ومثلبة لصاحبك وأما قولك « ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ » أخبرني هل أنزل الله سكينته على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى المؤمنين في غير الغار قال ابن أبي خدرة نعم قال أبو جعفر فقد أخرج صاحبك في الغار من السكينة وخصه بالحزن ومكان علي عليهالسلام في هذه الليلة على فراش النبي صلىاللهعليهوآله وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار فقال الناس صدقت فقال أبو جعفر يا ابن أبي خدرة ذهب نصف دينك وأما قولك ثاني اثنين الصديق من الأمة أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب عليهالسلام في قوله عز وجل : « وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ » (١) إلى آخر الآية والذي ادعيت إنما هو شيء سماه الناس ومن
__________________
(١) الحشر : ١١.