فلما تناهوا إلى هذا الموضع قال لهم يحيى بن خالد : أترضون فيما بينكم هشاما حكما؟ قالوا : قد رضينا أيها الوزير ، فأنى لنا به وهو عليل ، فقال يحيى فأنا اوجه إليه ، فأرسله أن يتجشم المشي فوجه إليه فأخره بحضورهم وأنه إنما منعه أن يحضروه أول المجلس إبقاءا عليه من العلة وإن القوم قد اختلفوا في المسائل والاجوبة ، وتراضوا بك حكما بينهم فان رأيت أن تتفضل ، وتحمل على نفسك فافعل.
فلما صار الرسول إلى هشام قال لي : يايونس قلبي ينكر هذا القول ولست آمن أن يكون ههنا أمرا لا أقف عليه ، لان هذا الملعون يحيى بن خالد قد تغير علي لامور شتى ، وقد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج من هذه العلة أن أشخص إلى الكوفة ، واحرم الكلام بتة ، وألزم المسجد ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون يعني يحيى بن خالد قال : قلت : جعلت فداك لايكون إلا خيرا ، فتحرز ما أمكنك فقال لي : يايونس أترى التحرز عن أمر يريد الله إظهاره على لساني ، أنى يكون ذلك ، ولكن قم بنا على حول الله وقوته.
فركب هشام بغلا كان مع رسوله ، وربكت أنا حمارا كان لهشام قال : فدخلنا المجلس فاذا هو مشحون بالمتكلمين قال : فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم ، وجلس قريبا منه ، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس.
قال : فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال : إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر ، لا لان نتاظر بل لان نأنس بحضورك ، إن كانت العلة تقطعك عن المناظرة ، وأنت بحمد الله صالح ، ولست علتك بقاطعة من المناظرة ، و هؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم.
قال : فقال هشام : ما الموضع الذي تناهت به المناظرة؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه ، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض ، فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير ، فحقدها على هشام.
قال : ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام : إنا قد أعرضنا عن المناظرة و