طرأ عليه ما هو علّة ورود الحكم عليه ، بأن فرضنا أنّ موضوع وجوب التصدّق هو ذات زيد مثلاً ، ولكن كان نبات لحيته علّة في طروّ ذلك الحكم عليه ، فأقصى ما عندنا هو استصحاب بقاء ذات زيد ، ولكن مجرّد الحكم ببقاء ذاته لا يكون حكماً بطروّ تلك العلّة عليه كي يلحقه وجوب التصدّق ، وإن كان طروّ تلك العلّة عليه ـ أعني نبات اللحية ـ من لوازم بقائه عقلاً ، فنحن وإن أخرجنا هذه الواسطة عن كونها موضوعاً لذلك الأثر وجعلناها علّة للحوق ذلك الأثر لزيد المذكور ، لكن لا يخرج استصحاب حياته لترتيب ذلك الأثر عليه ـ أعني وجوب التصدّق ـ عن كونه مثبتاً ، فإنّ لحوق الحكم لتلك الذات يتوقّف على تحقّق العلّة المذكورة ، واستصحاب بقاء ذاته لا يحقّقها إلاّبالأصل المثبت ، فلاحظ.
نعم ، لو علمنا بوجود أصل الذات وعلمنا بطروّ تلك العلّة عليها ، ثمّ طرأ الشكّ لنا في بقاء تلك الذات ، كان استصحاب بقاء تلك الذات كافياً في الحكم بترتّب ذلك الحكم عليها ، سواء كان بقاء تلك العلّة مشكوكاً أو كانت معلومة الارتفاع ، بل حتّى لو كانت العلّة معلومة البقاء على تقدير بقاء الذات ، نعم في صورة العلم بارتفاعها لا ينفعنا استصحاب بقاء الذات لو كان بقاء الحكم منوطاً ببقاء تلك العلّة حتّى لو قلنا بحجّية الأصل المثبت. وعلى كلّ حال ، حيث جرى استصحاب الذات لا يكون ذلك من الأصل المثبت ، والظاهر أنّ هذا الفرض هو المراد له قدسسره.
قوله : إذ ما من مورد إلاّويمكن فيه دعوى كون الواسطة خفية أو جلية ... الخ (١).
قد عرفت أنّ معنى خفاء الواسطة هو خفاؤها في التوسّط ، بحيث إنّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٥ ـ ٤٩٦.