المستمسك ج ١ ص ٢١٢ (١) ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ ملاقاة الطاهر للنجس وإن أمكن أن تكون منجّسة بقول مطلق ، إلاّ أنّه قد خرج الجافّان بلا شبهة ولا ارتياب ، وحينئذ ينحصر التنجّس فيما لو كان بينهما رطوبة في كلّ منهما أو في أحدهما ، والسرّ في ذلك هو أنّ القابل للتنجّس بملاقاة النجس إنّما هو نفس الرطوبة ، كما أنّها بنفسها تنجّس الطاهر لو كانت نجسة أو متنجّسة.
وحينئذ فعند ملاقاة الطاهر للنجس وبينهما رطوبة في كلّ منهما تكون رطوبة النجس منجّسة لرطوبة الطاهر ، وهي ـ أعني رطوبة الطاهر بعد تنجّسها ـ تنجّس نفس سطح الجسم الطاهر ، ولو كانت الرطوبة على النجس فقط فهي عند ملاقاة الطاهر الجافّ تنجّس سطحه ، كما أنّها لو كانت على الجسم الطاهر ولاقت سطحاً نجساً تنجّست هي ابتداءً بالملاقاة ، وتنجّس سطح الطاهر أيضاً بملاقاتها.
وحينئذ يكون المدار في النجاسة على ملاقاة الرطوبة ، ومن الواضح أنّ استصحابها في أحدهما لا يثبت كون تلك الملاقاة ملاقاة للرطوبة ، مثلاً لو كان هذا السطح الطاهر جافّاً ولكن كان في سطح ذلك النجس رطوبة ، كانت الملاقاة موجبة لملاقاة السطح الجاف للرطوبة النجسة فتنجّسه ، أمّا لو لم يكن في طرف السطح النجس إلاّ استصحاب الرطوبة ، لم يكن استصحابها فيه محقّقاً لملاقاة السطح الطاهر للرطوبة النجسة ، فلا نحكم بتنجّسه إلاّبالأصل المثبت. وأشدّ منه ما لو كان الأمر بالعكس ، بأن كان النجس جافّاً وكان ما هو مستصحب الرطوبة هو الطاهر ، فإنّ استصحاب بقاء الرطوبة فيه لا يوجب الحكم بنجاسته ، إلاّبعد ثبوت أنّ رطوبة الطاهر لاقت النجس وتنجّست فنجّست السطح الطاهر.
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٤٦٧ ـ ٤٦٨.