الملاقاة حين القلّة ، نظير عدم انفكاك عدم الموت حين الإسلام لوقوع الموت بعد الإسلام ، فافهم (١).
قلت : لا يخفى أنّه لو كانا مجهولي التاريخ كان استصحاب القلّة وعدم الكرّية إلى حين الملاقاة حاكماً بالنجاسة ، لتحقّق الملاقاة وجداناً والقلّة بالاستصحاب ، وليس ذلك من الأصل المثبت. نعم إنّ استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرّية لا يوجب الحكم بالطهارة إلاّبإثبات وقوع الملاقاة بعد الكرّية ، وحينئذ يكون المثبت هو الاستصحاب الثاني دون الاستصحاب الأوّل ، وعلى ذلك يكون الحكم في مجهولي التاريخ هو النجاسة. وكذلك فيما لو كانت الملاقاة معلومة التاريخ والكرّية مجهولة التاريخ. نعم لو كان الأمر بالعكس بأن كانت الكرّية معلومة التاريخ والملاقاة مجهولة التاريخ ، كان الحكم مبنياً على كون القلّة شرطاً في الانفعال أو كون الكرّية مانعة منه ، فعلى الأوّل يحكم بالطهارة ركوناً إلى قاعدة الطهارة ، لعدم إحراز شرط الانفعال ، وعلى الثاني يحكم بالنجاسة أخذاً بقاعدة المقتضي وعدم إحراز المانع.
ولا يخفى أنّ الظاهر من قول العلاّمة في القواعد : ولو شكّ في بلوغ الكرّية فهو نجس ، هو البناء على الثاني أعني قاعدة المقتضي ، وحينئذ يشكل الأمر في حكمه بالطهارة في الصورة الأُولى أعني مجهولي التاريخ ، لأنّا لو أغضينا النظر عمّا تقدّم من انفراد استصحاب القلّة إلى حين الملاقاة القاضي بالنجاسة ، وسلّمنا المعارضة بين الأصلين ، يتعيّن الحكم بالنجاسة بناءً على ما هو ظاهره أخيراً من الأخذ بقاعدة المقتضي.
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.