نعم ، لو تمّ ما أفاده الشيخ قدسسره من أنّ استصحاب القلّة إلى حين الملاقاة لا يعارض استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرّية ، وقلنا إنّ استصحاب عدم الملاقاة إلى حين الكرّية قاضٍ بالطهارة ، صحّ الحكم فيه بالطهارة استناداً إلى الاستصحاب المذكور مع القول بقاعدة المقتضي ، حيث إنّ الرجوع إلى قاعدة المقتضي للنجاسة كالرجوع إلى قاعدة الطهارة إنّما يكون بعد سقوط الاستصحاب القاضي بالنجاسة ، أو الاستصحاب القاضي بالطهارة ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح وتنقيح إن شاء الله تعالى (١).
قوله : ومنها ما ذكره في التحرير (٢) من أنّه لو اختلف الولي والجاني في سراية الجناية ... الخ (٣).
هنا مسألتان : الأُولى مسألة دعوى الولي السراية ودعوى الجاني أنّ المجني عليه شرب سمّاً فمات به ، والأصل وإن كان هو استصحاب عدم شرب السمّ ، إلاّ أنّه لا يترتّب عليه الحكم بالسراية إلاّبالأصل المثبت ، وحينئذ فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة من الضمان ليكون القول قول الجاني.
الثاني : مسألة دعوى الجاني أنّ المجني عليه كان حين الجناية ميتاً ، ودعوى الولي أنّه كان حيّاً ، واستصحاب الحياة إلى حين الجناية لا يثبت ضمان القتل ، إذ لا يتحقّق القتل بهذا الاستصحاب إلاّعلى الأصل المثبت ، فيكون المرجع حينئذ هو أصالة براءة ذمّة الجاني من جناية القتل ، وقد أدخل في الكتاب إحدى المسألتين في الأُخرى.
__________________
(١) راجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٢٤٢ وما بعدها.
(٢) تحرير الأحكام ٥ : ٥٢٤.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٥٠٢.