وأمّا من ناحية الشيخ قدسسره فلأنّه وإن قال إنّ هذا الفرد من البيع ـ أعني البيع المشتمل على الغبن ـ بعد أن قام دليل الغبن على أنّه غير لازم ، وأنّ القدر المتيقّن هو أوّل أزمنة الامكان ، يكون ذلك موجباً لخروج البيع المذكور عن العموم الأفرادي من قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، ومع خروجه عن العموم المذكور لا يمكن الحكم بعوده ثانياً بعد أوّل أزمنة الامكان ، لكن هذا فيما إذا لم يكن في البين دليل يدلّ على عوده ، والمفروض أنّ نفس دليل خيار المجلس وخيار الحيوان قاضٍ بلزومه بعد انقضاء المجلس وانقضاء الثلاثة ، ومقتضى ذلك هو أنّه فيما عدا المجلس والثلاثة باقٍ تحت عموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فلاحظ وتأمّل في ذلك.
وسيأتي إن شاء الله التعرّض لذلك في آخر هذا التنبيه (١) عند التعرّض لما أفاده المرحوم السيّد في حاشيته على المكاسب ، ومن جملة ذلك هو أنّ مثل قوله عليهالسلام : « إذا افترقا وجب البيع » (٢) لا دلالة فيه على رجوع البيع إلى عموم الوفاء بالعقود ، بل أقصى ما في ذلك هو كون العقد بعد المجلس لازماً ، وحينئذ يكون المرجع عند الشكّ في لزوم البيع من بعض الجهات كما لو شكّ في خيار بائع الحيوان ، هو هذه الجملة أعني « إذا افترقا وجب البيع » ، لا عموم الآية الشريفة ، وهو خلاف ما جرى عليه الشيخ قدسسره.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ المنظور إليه في كلام الشيخ قدسسره هو أنّ المانع ليس هو الوحدة ، بل إنّ المانع هو التبعية الناشئة من أخذ العموم الأزماني ظرفاً للحكم ، وحينئذ يتمّ ما أفاده الأُستاذ قدسسره في تفسير مطلب الشيخ ، ولا يرد عليه النقض بخيار
__________________
(١) في الصفحة : ٤٢٩ وما بعدها.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ : ٦ / أبواب الخيار ب ١ ح ٤.