يكن العموم فيها محقّقاً من إحدى هذه الجهات لا يكون أصالة العموم في الجهة الأُخرى نافعاً في إزالة الشكّ الواقع فيه ، فإنّه إذا ثبت العموم لكلّ عالم وشككنا في وجوب إكرام زيد العالم يوم السبت مثلاً ، لم تكن أصالة العموم في ناحية العلماء نافعة في إدخال مورد الشكّ تحت عموم وجوب الإكرام.
إذا عرفت ذلك فنقول : إذا قيل : لا تشرب الخمر ، فهذا عموم أفرادي ، فإن شككنا في حرمته في زمان أو في حال مثل حال المرض الخفيف ، وكان في البين عموم أزماني وعموم أحوالي ، بأن قال : لا تشرب الخمر في كلّ آن وفي كلّ حال صحّ التمسّك بأصالة العموم الأزماني على إدخال زمان الشكّ تحت العموم ، وبأصالة العموم الأحوالي على إدخال الشرب في تلك الحالة المخصوصة المشكوكة تحت العموم الأحوالي ، أمّا إذا لم يكن في البين ذلك العموم الأحوالي وطرأت حالة يشكّ في حرمة شرب الخمر معها ، لم يمكن التمسّك بأصالة العموم الأفرادي ولا بأصالة العموم الأزماني على دخول الشرب في تلك الحالة تحت الحكم المذكور أعني الحرمة ، وحينئذ فإن كان ذلك العموم الأزماني مأخوذاً في ناحية المتعلّق لم يمكن التمسّك أيضاً على الحرمة بالاستصحاب ، لأنّه من جرّ الحكم من موضوع إلى آخر ، وينحصر المرجع حينئذ في أصالة البراءة ، أمّا إذا كان ذلك العموم الأزماني مأخوذاً في ناحية الحكم أعني النهي ، كان التمسّك بالاستصحاب المذكور على التحريم في مورد الشكّ المذكور صحيحاً ، ومن الواضح لمن له أدنى تتبّع أنّ ديدن الفقهاء في أمثال ذلك على الحكم بالتحريم ، فهذا كاشف عن أنّ نظرهم إلى أنّ العموم الأزماني مأخوذ في ناحية الحكم لا في ناحية المتعلّق ، لأنّه لو كان في نظرهم مأخوذاً في ناحية المتعلّق كان المرجع في صورة هذا الشكّ هو البراءة ، انتهى.