قلت : لا يخفى أنّه هنا أفاد أنّ حالة المرض لم تكن داخلة في العموم الأزماني ، وبعد سقوط العموم الأحوالي لعدم تحقّقه يتعيّن الرجوع إلى استصحاب الحرمة الثابتة في الزمان السابق ، وإذا كان العموم الأزماني مأخوذاً في ناحية المتعلّق لم يمكن استصحاب الحرمة من زمان إلى ما بعده ، لأنّه حينئذ من جرّ الحكم من موضوع إلى آخر ، لكنّه قدسسره بعد ذلك كأنّه عدل عن هذا الطريق ، فأفاد بعد ذلك فيما نقلناه عنه أنّ حالة المرض داخلة في العموم الأزماني.
والأولى أن يقال : إنّ حالة المرض لمّا كانت موجبة للّحوق بالأفراد العرضية ، فهي داخلة تحت عموم الشرب ، لما عرفت من عمومه وشموله للأفراد العرضية ، وحينئذ فيكون الحكم بالحرمة في مورد الشكّ المذكور إنّما هو لأجل التمسّك باطلاق الطبيعة في حيّز النهي ، الشامل للأفراد العرضية التي منها ما يتحصّل بحسب الأحوال.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذه الأحوال ـ أعني حالة المرض ونحوه ـ إنّما تدخل في أحوال المكلّف ، لا في أحوال الشرب الذي هو المكلّف به ، وحينئذ نقول : إنّه بناءً على ذلك يكون المرجع هو استصحاب الحكم في حقّ المكلّف ، بأن يقال : إنّه كان يحرم عليه الشرب والآن كما كان ، أو نتمسّك بالعموم والاطلاق الأحوالي بالنسبة إلى المكلّف نفسه. وعلى أيّ حال ، لا يكون صحّة ذلك منوطاً بأخذ العموم الأزماني في ناحية المتعلّق أو في ناحية الحكم ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ كون متعلّق النهي هو صرف الطبيعة الصادقة على جميع الأفراد الطولية كالعرضية وإن كان بالنتيجة يوافق أخذ العموم الأزماني في ناحية المتعلّق ، إلاّ أنّه بحسب الصناعة مغاير له ، لأنّ ذلك ـ أعني أخذ العموم الأزماني في ناحية المتعلّق ـ يكون كتقييد للشرب بأنّه الموجود في كلّ آن ، ولأجل ذلك