جعلنا هذا التقييد في متعلّقات الأوامر في مقابل بقاء تلك المتعلّقات على إطلاقها الذي يكون مقتضاه الاكتفاء بواحد من الطبيعة ، وهذا بخلاف كون المتعلّق للنهي هو صرف الطبيعة ، فإنّما هو تمسّك باطلاق الطبيعة الموجب لانطباقها على أيّ فرد من أفرادها ، لكن لمّا كانت واقعة في سياق النهي كان مقتضاه هو انتفاء جميع تلك الأفراد ، طولية كانت أو عرضية ، وكان تحقّق أيّ فرد منها مخالفاً لذلك النهي وناقضاً له ، وحينئذ فاطلاق المتعلّق في باب الأوامر مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) يوجب لغويتها ، لأنّه موجب لحصول الامتثال بالاتيان بواحد من تلك الطبيعة ، فلابدّ من تقييده بالعموم الأزماني ليخرج مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) عن اللغوية ، بخلاف إطلاق المتعلّق في باب النواهي ، فإنّه يخرجها عن اللغوية ويلزمه عدم السقوط بالاجتناب عن الطبيعة آناً ما ، بل لابدّ من اجتناب كلّ واحد من أفرادها الطولية.
وحاصل الفرق بين وجوب الوفاء بالعقد وقوله لا تشرب الخمر ، أنّ المتعلّق في الأوّل وهو الوفاء لو أبقيناه على إطلاقه ولم نقيّده بالعموم الأزماني والوجود في كلّ زمان ، يكون ذلك الوجوب المتعلّق به لغواً ، لأنّه موجب لسقوطه بالوفاء آناً ما ، بخلاف المتعلّق في لا تشرب الخمر ، فإنّا لو أبقيناه على إطلاقه ولم نقيّده بالعموم الأزماني والوجود في كلّ زمان ، لكان مقتضاه هو انتفاء جميع الأفراد الطولية كالعرضية ، فلا يسقط بترك الشرب آناً ما ، فكان إطلاق المتعلّق هنا هو الرافع للغوية ، بخلاف إطلاق المتعلّق في باب الأوامر مثل يجب الوفاء ، فإنّه يكون محقّقاً للغوية.
والحاصل : أنّ لنا في باب النواهي أمراً آخر ندفع به لغوية الحكم ، غير أخذ العموم الأزماني في ناحية المتعلّق الذي هو عبارة أُخرى عن تقييد المتعلّق بالوقوع في كلّ زمان ، وغير أخذ ذلك العموم الأزماني في ناحية الحكم الذي هو