قوله : أقول المراد من استصحاب الحكم الشخصي هو استصحاب الحكم الجزئي الفعلي ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الحكم الكلّي قبل وجود موضوعه لا يكون له وجود أصلاً وإنّما يكون وجوده حينئذ وجوداً تعليقياً ، ووجوده الحقيقي إنّما يكون بعد وجود موضوعه ، وحينئذ فبعد وجود موضوعه لو شككنا في بقاء ذلك الحكم لأجل تبدّل حالة من حالات ذلك الموضوع أو حالات المكلّف ، نستصحب ذلك الحكم ، وهذه وظيفة عملية راجعة إلى المقلّد ، وأمّا وظيفة المجتهد فهي الحكم الكلّي ، أعني أنّه ينظر إلى ذلك الحكم الكلّي ويفرض موضوعه موجوداً ثمّ يفرض تغيّر حالة من حالات المكلّف ، فيكون حينئذ ذلك الحكم مشكوك البقاء فيحكم ببقائه استصحاباً ، وحينئذ فما يصدر عن المجتهد إنّما هو الحكم بابقاء الحكم المفروض الوجود بعد فرض وجود موضوعه إذا تبدّلت حالة من حالات ذلك الموضوع أو حالات المكلّف ، ففيما نحن فيه يكون الحكم الصادر من المجتهد هو الحكم بابقاء الوجوب الوارد على الأربعة عند دخول الوقت ، بمعنى أنّ المجتهد يفرض دخول الوقت وتوجّه الخطاب إلى المكلّف ، ثمّ يفرض عروض العجز عليه عن الخامس ، فيكون ذلك الحكم حينئذ مشكوك البقاء بعد فرض تحقّقه فيحكم ببقائه ، ويكون حكمه بالبقاء معلّقاً على هذه الأُمور ، وحاصل حكمه هو أنّه لو دخل الوقت ووجبت الأجزاء الخمسة وتحقّق وجوب الأربعة في ضمن وجوب الخمسة وطرأ العجز عن الخامس ، لكان وجوب الأربعة المتحقّق سابقاً محكوماً بالبقاء ، وهذه القضية الكلّية الصادرة من المجتهد يأخذها المقلّد ويطبّقها على عمل نفسه عند ابتلائه بتلك التقادير الذي هو عبارة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦١.