دينا ، واصطفى له من عباده رسلا دالين وهادين إليه ، يبشر أولهم بآخرهم ويصدق تاليهم ماضيهم ، حتى انتهت نبوة الله إلى محمد صلىاللهعليهوآله على فترة من الرسل ودروس من العلم ، وانقطاع من الوحي ، واقتراب من الساعة ، فختم الله به النبيين وجعله شاهدا لهم ومهيمنا عليهم وأنزل عليه كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، بما أحل وحرم ، ووعد وأوعد ، وحذر وأنذر ، وأمر به ونهى عنه ، ليكون له الحجة البالغة على خلقه ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة ، وإن الله لسميع عليم.
فبلغ عن الله رسالته ، ودعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، ثم بالجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده ، فلما انقضت النبوة وختم الله بمحمد صلىاللهعليهوآله الوحي والرسالة جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين بالخلافة وإتمامها وعزها والقيام بحق الله تعالى فيها بالطاعة ، التي بها يقام فرائض الله وحدوده ، وشرائع الاسلام وسننه ويجاهد لها عدوه.
فعلى خلفاء الله طاعته فيما استحفظهم واسترعاهم من دينه وعباده ، وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على إقامة حق الله وعدله وأمن السبيل وحقن الدماء وصلاح ذات البين ، وجمع الالفة ، وفي خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين واختلالهم ، واختلاف ملتهم وقهر دينهم واستعلاء عدوهم ، وتفرق الكلمة ، وخسران الدنيا والآخرة.
فحق على من استخلفه الله في أرضه ،
وائتمنه على خلقه ، أن يجهد لله نفسه
ويؤثر ما فيه رضى الله وطاعته ، ويعتد لما الله موافقه عليه ومسائله عنه ، ويحكم
بالحق ، ويعمل بالعدل فيما حمله الله وقلده ، فان الله عز وجل يقول : لنبيه
داود عليهالسلام
«يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع
الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا