يوم الحساب» (١) وقال الله عزوجل : «فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون» (٢).
وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال : لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت أن يسألني الله عنها ، وأيم الله إن المسؤل عن خاصة نفسه الموقوف على عمله فيما بين الله وبينه ، ليعرض على أمر كبير وعلى خطر عظيم فكيف بالمسؤل عن رعلية الامة وبالله الثقة ، وإليه المفزع والرغبة ، في التوفيق والعصمة ، والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة ، والفوز من الله بالرضوان والرحمة.
وأنظر الامة لنفسه وأنصحهم لله في دينه وعباده من خلائقه في أرضه ، من عمل بطاعة الله وكتابه وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله في مدة أيامه وبعدها وأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده ، ويختاره لامامة المسلمين ورعايتهم بعده ، وينثبه علما لهم ومفزعا في جميع الفتهم ، ولم شعثهم ، وحقن دمائهم ، والامن باذن الله من فرقتهم ، وفساد ذات بينهم واختلافهم ، ورفع نزع الشيطان وكيده عنهم ، فان الله عزوجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الاسلام وكماله ، وعزه وصلاح أهله ، وألهم خلفاءه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة ، وشملت فيه العافية ، ونقض الله بذلك مكر أهل الشقاق والعداوة والسعي في الفرقة ، والتربص للفتنة.
ولم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة ، فاختبر بشاعة مذاقها ، وثقل محملها ، وشدة مؤنتها ، وما يجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله ، ومراقبته فيما حمله منها فأنصب بدنه ، وأسهر عينه ، وأطال فكره ، فيما فيه عز الدين ، وقمع المشركين ، وصلاح الامة ، ونشر العدل ، وإقامة الكتاب والسنة ، ومنعه ذلك من الخفض والدعة ، ومهنؤ العيش ، علما بما الله سائله عنه ، ومحبة أن يلقى الله مناصحا له في دينه وعبادة ، ومختارا لولاية عهده ، ورعاية الامة من بعده أفضل من
____________________
(١) ص : ٢٦.
(٢) الحجر : ٩٢.