فقال المأمون : فهذا مستحيل من قبل أن الله تعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه صلىاللهعليهوآله فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة ، وليست هذه الرواية بأعجب من روايتكم أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : دخلت الجنة فسمعت خفق نعلين ، فإذا بلال مولى أبي بكر قد سبقني إلى الجنة ، وإنما قالت الشيعة : علي خير من أبي بكر فقلتم : عبد أبي بكر خير من رسول الله صلىاللهعليهوآله لان السابق أفضل من المسبوق ، وكما رويتم أن الشيطان يفر من حس عمر وألقى على لسان النبي صلىاللهعليهوآله أنهن الغرانيق العلى (١) ففر من عمر ، وألقى على لسان النبي صلىاللهعليهوآله بزعمكم الكفر.
قال آخر : قد قال النبي صلىاللهعليهوآله : لو نزل العذاب ما نجا إلا عمر بن الخطاب.
____________________
(١) الغرانيق جمع الغرنوق وهو الحسن الجميل يقال : شاب غرنوق وغرانق ، اذا كان ممتلئا ريا.
روى عن ابن العباس وغيره ان النبى صلىاللهعليهوآله لما تلا سورة والنجم وبلغ إلى قوله : ( أفرايتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الاخرى ) القى الشيطان في تلاوته : ( تلك الغرانيق العلى ، وان شفاعتهن لترجى ).
فسر بذلك المشركون فلما انتهى إلى السجدة سجد المسلمون وسجد ايضا المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم بما اعجبهم.
فهذا الخبر ان صح محمول على انه كان يتلو القرآن ، فلما بلغ إلى هذا الموضع وذكر اسماء آلهتهم قال بعض الحاضرين من الكافرين ( تلك الغرانيق العلى ... ) القى ذلك في تلاوته ، توهم ان ذلك من القرآن ، فأضافه الله سبحانه إلى الشيطان لانه انما حصل باغوائه ووسوسته.
وهذا أورده المرتضى قدس الله روحه في كتاب التنزيه ، وهو قول الناصر للحق من ائمة الزيدية ، وهو وجه حسن في تأويله ، راجع مجمع البيان ج ٧ ص ٩١. تنزيه الانبياء ص ١٠٧ ١٠٩.
أقول قد ذكر العلامة المؤلف هذه القصة في باب عصمة النبى صلىاللهعليهوآله «ج ١٧ ص ٥٦ ٦٩» فراجع.