فلتة وقى الله المسلمين شرها كمامر (١) وفي القاموس كان الامر فلتة أي فجاءة من غير تدبر وتردد ، وهما على الاستعارة ، أو أشار بهما إلى مامر من أن بعد السقيفة انقطع ماء السماء وصار ماء اجاجا وأن اشتداد حمرة الافق حصل بعد شهادة الحسين عليهالسلام.
قوله : «وما قيل» مصدر بمعنى القول اسم ما وخبره قوله : نتات من نتا أي ارتفع ، وجهرة حال عن «قيل» وفي الضلال صفة أو متعلق بنتات وتقليد الولاة الاعمال : تفويضها إليهم ، وضمير «امورها» للخلافة أو الامة قوله : «لزمت» أي الامور من الزمام كناية عن انتظامها و «أخي» بدل من مأمون وقوله : «شامخ الهضبات» صفة لاحد والشامخ المرتفع ، والهضبة الجبل المنبسط على وجه الارض ، واللزبات
____________________
(١) يعنى في المجلد الثامن كتاب الفتن والمحن ، هذا الحديث مما رواه البخارى في صحيحه ج ٤ ص ٧٧٩ باب رجم الحبلى من الزنا أحصنت ، عن ابن عباس قال : كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبدالرحمان بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، اذ رجع إلى عبدالرحمن فقال : لو رأيت رجلا أتى أميرالمؤمنين اليوم فقال : يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول : ( لوقد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ماكانت بيعة أبى بكرالا فلتة فتمت ) فغضب عمر ، ثم قال : انى انشاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم امورهم ـ إلى أن قال :
فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : اما بعد فانى قائل لكم مقالة قد قدرلى أن أقولها ، لا أدرى لعلها بين يدى أجلى ، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ، ومن خشى أن لايعقلها فلا أحل لاحد أن يكذب على ـ إلى أن قال :
ثم انه بلغنى أن قائلا منكم يقول : والله لومات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ أن يقول : انما كانت بيعة أبى بكر فلتة وتمت ، ألا وانها قد كانت كذلك ولكن وقى الله شرها وليس منكم ومن تقطع الاعناق اليه مثل أبى بكر ، من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذى بايعه ، تغرة ان يقتلا.