قصاف عزاف ، يأكل ويشرب ويعشق ويتجالع فأحضره وأشهره فان الخبر يشيع عن « ابن الرضا » بذلك ، ولا يفرق الناس بينه وبين أخيه ، ومن عرفه اتهم أخاه بمثل فعاله.
فقال : اكتبوا بإشخاصه مكرما ، فتقدم المتوكل أن يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعمل على أنه إذا رآه أقطعه قطيعة وبنى له فيها ، وحول إليه الخمارين والقيان ، وتقدم لصلته وبره ، وأفرد له منزلا سريا أن يصلح أن يزوره هو فيه.
فلما وافى موسى تلقاه أبوالحسن عليهالسلام في قنطرة وصيف ، وهو موضع يتلقى فيه القادمون ، فسلم عليه ووفاه حقه ، ثم قال له : إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك ، فلا تقرله أنك شربت نبيذا واتق الله يا أخي أن ترتكب محظورا ، فقال له موسى : إنما دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال : ولا تضع من قدرك ولا تعص ربك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلا هتكك. فأبى عليه موسى ، وقرر عليه أبوالحسن عليهالسلام القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلما رأى أنه لا يجيب قال عليهالسلام له : أما إن المجلس الذي تريد الاجتماع معه عليه ، لا تجتمع عليه أنت وهو أبدا.
قال : فأقام موسى ثلاث سنين يبكر كل يوم إلى باب المتوكل فيقال : قد تشاغل اليوم ، فيروح فيبكر فيقال له قد سكر ، فيبكر فيقال له : قد شرب دواء فمازال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ، ولم يجتمع معه على شراب (١).
بيان : « القصف » اللهو واللعب ، والمعازف الملاهي ومرأة جالعة أي قليلة الحياء تتكلم بالفحش ، وكذلك الرجل جلع وجالع ، ومجالعة القوم مجاوبتهم بالفحش ، وتنازعهم عند الشرب والقمار ، وفي بعض النسخ بالخاءالمعجمة وهو أيضا كناية عن قلة الحياء.
____________________
(١) الارشادص ٣١٢.