تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها ) (١).
وممن قال بالحلول والتناسخ الثنوية وهي القائلة بالنور والظلمة إلا أنهما أزليان قديميان وأنهما متساويان في القدم مختلفان في الجوهر والطبع ، وللأبدان والأرواح.
وعلى هذا المبدأ المانوية نسبة إلى الحكيم ماني بن فاتك الذي ظهر في زمن سابور بن اردشير ، وقتله بهرام بن هرمز بن سابور ، وذلك بعد نبوة عيسى بن مريم عليهالسلام إذ أن ماني ابتدع ديناً جديداً بين المجوسية والنصرانية ، فهو يقول بنبوة عيسى وينكر نبوة موسى عليهالسلام.
من عقائد ماني : قال أن العالم مصنوع من مركب من أصلين قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة وأنهما أزليان لم يزلا إلى الأبد ، وكل شيء إنما صائر من أصل قديم أما النور وأما الظلمة وأما من امتزاجهما سوية.
أما سبب الامتزاج فمختلف عندهم ، فمنهم قال أن النور والظلمة كان امتزاجهما بالخبط والاتفاق لا بالقصد والاختبار ، والبعض الآخر وهم الأكثرية قالوا أن سبب المزاج إنما كان بتشاغل الظلمة عن روحها بعض البشاغل فنظرت الروح فرأت النور فبعث الأبدان على ممازجة النور فأجابتها لإسراعها إلى السر ، فلما رأى ذلك ملك النور بعث ملكاً في خمسة أجناس من أجناسها الخمسة فاختلطت النورية بالخمسة الظلامية.
وعلى هذا المنوال تلتقي المزدكية مع المانوية في الأصلين وامتزاجهما إلا أن هؤلاء يجعلون الأصول والأركان للخير والشر ثلاثة : الماء والأرض والنار. وتابع المانوية فرقة تسمى بالديصانية وقد أثبتت الأصلين النور الظلمة واختلفت في عملية التمازج بينهما.
وقد تابع المزدكية من المجوس عدة فرق منها الكيونية والصيامية والتناسخية والأخيرة قالت بتناسخ الأرواح في الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص ... وهؤلاء يخالفون جميع مذاهب الثنوية إذ يغنون بأيام الخلاص هو رجوع أحزاء النور إلى عالمه الشريف الحميد ، وبقاء أجزاء الظلام في عالمه الخسيس الذميم.
__________________
(١) سورة القدر الآية : ٤ أنظر الزرادشتية من كتاب الملل والنحل الجزء الأول | ٢١٦.